العراق: عجز جديد عن كسر حكومات المحاصصة الطائفية

12 ابريل 2016
فشل العبادي في تشكيل حكومة تكنوقراط (Getty)
+ الخط -
طوت بغداد، أمس الاثنين، صفحة جديدة من محاولة الإصلاحات السياسية، بالتوافق على حكومة جديدة ترشح وزراءها الكتل السياسية الكبيرة الثلاث الشيعية والسنية والكردية، بعد ثلاثة أشهر من تعهدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإخراج البلاد من خانة المحاصصات الطائفية في الحكومة والانتقال إلى حكومة تكنوقراط والتخصص الوزاري. ولا يظهر أي وجود حقيقي لمكوّنات العراق الأخرى كالمسيحيين، والصابئة، والتركمان، والأيزيديين وغيرهم في الحكومة، باستثناء مناصب وُصفت بـ"الشكلية غير الفعّالة أو المؤثرة بالدولة".

وتسبّبت التسريبات هذه بخيبة أمل شعبية كبيرة في العراق بعد ارتفاع أسهم التفاؤل بحكومة مدنية لا يتبع وزراؤها الطائفة أو الحزب، والذين يمكنهم العمل لمصلحة الشارع لا لمصلحة من رشحوه لهذا المنصب. ويؤكد مسؤول عراقي رفيع المستوى في مكتب العبادي لـ"العربي الجديد" أنّ "رئيس الحكومة أنهى اختيار 70 في المائة من كابينته الوزارية، أمس الاثنين، بعد مراجعتها من لجنة المستشارين، فيما لم يتم حسم بعض المناصب لغاية أمس، بسبب خلافات عليها، أبرزها وزارة الخارجية والنفط"، وفقاً للمسؤول. 

ويوضح أنّ "الأسماء المقدّمة من الكتل السياسية هي من جرى الموافقة عليها، وهناك وزيران أو ثلاثة سيكونان من القائمة السابقة التي رشّحها العبادي نهاية الشهر الماضي". ويضيف هذا المسؤول أنّه "حتى الآن نال السنة أربع وزارات، والشيعة ست وزارات، والأكراد أربع وزارات، ويجري بحث إشراك المكوّنات الأخرى في وزارات دولة، مثل البيئة، والمرأة، وشؤون المحافظات، والسياحة، والشباب والرياضة"، في إشارة إلى تقاسم الوزارات السيادية بين الكتل الثلاث والعودة إلى المربّع الأول الذي اعُتبر مشكل العراق ما بعد الاحتلال.

ومن المقرر أن تعقد جلسة البرلمان العراقي، اليوم الثلاثاء وسط شكوك في طرح رئيس الوزراء حكومته الجديدة. ويقول النائب عن التحالف الوطني، صادق المحنة لـ"العربي الجديد" إنّ ما ذكر عن عودة للمحاصصة ليست بتسريبات بل هي حقيقة"، مضيفاً أنّ "ما جرى ليس رجوعاً للمربع الأول، بل يمكن القول تم كسر المحاصصة الطائفية الصلبة والانتقال إلى محاصصة أكثر مرونة من السابقة في شكل الحكومة المقبل الذي من المقرّر طرحها خلال أيام"، على حدّ تعبيره. ويرجح المحنة "طرح الحكومة للتشكيلة الوزارية الجديدة، الخميس المقبل، بعد أن تصبح جاهزة بشكل تام. فجلسة الثلاثاء مشكوك في كونها ستلد حكومة"، وفقاً لقوله.


من جانبه، يعتبر القيادي في جبهة الحراك، محمد عبد الله ترشيح الكتل للوزراء الجدد أنّه "عودة للمحاصصة وكذب على الجمهور"، مستغرباً في حديثه لـ"العربي الجديد"، "ترشيح الأحزاب وزيراً مستقلاً من بينها. هذا أمر مضحك، ولا أفهم سبب اعتراض الكتل على ترشيح العبادي لوزير متخصص، وتصرّ (الكتل) على ترشيح وزير متخصص". ويتساءل عما إذا كان هناك اختلاف في الجامعة التي تخرج منها المرشحان. "كل ما يحصل بالتأكيد هو ضحك على الشعب وتوافق بين الكتل لاستمرار مصالحها". ويلفت عبد الله إلى أنّ "أميركا رعت الاتفاق لأنها مهتمة الآن بملفات أكبر من وزراء حكومة العبادي إن كانوا متخصصين، أو طائفيين، أو عنصريين، أو مستقلين"، على حدّ تعبيره.

وفيما يلتزم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الصمت حيال الانقلاب على التعهدات بالإصلاح، تؤكد مصادر محلية في النجف وجود مفاوضات لإقناعه بالقبول بالتشكيلة الحكومية من دون معرفة نوع العرض المقدم له لقاء القبول. ورجّح النائب عن تحالف القوى العراقية عبد العظيم عجمان تصويت البرلمان على الحكومة الجديدة، الخميس المقبل، بحضور العبادي.

وأوضح عجمان في تصريح صحافي، أن "الكتل السياسية اتفقت مع رئيس مجلس الوزراء على الاحتفاظ بتمثيلها الوزاري كما هو في الحكومة الحالية، من خلال تقديم الكتل ثلاثة مرشحين تكنوقراط لكل وزير يمثّلها. فيما يقوم رئيس الوزراء باختيار واحد من المرشحين الثلاثة لكل وزارة وتقديمهم إلى البرلمان ليصوت عليهم، الخميس المقبل". وأضاف أن الكتل السياسية اتفقت على التريث بقرار رئيس مجلس الوزراء بشأن دمج الوزارات التي أعلن عنها في مجلس النواب.

وبيّن عجمان أنّ التشكيلة الحكومية الجديدة ستضمن لكل كتلة سياسية تمثيلها الوزاري في الحكومة الحالية لكن على أن يكون الوزير الجديد يتميز بصفة التخصص في وزارته. وأوضح عجمان أن "تحالف القوى العراقية والتحالف الوطني أنهوا مرحلة اختيار مرشحيهم للحكومة الجديدة، فيما لم يحسم الأكراد وائتلاف الوطنية مرشحيهم حتى الآن"، مشيراً إلى أن "غداً الأربعاء سيكون آخر موعد لتقديم الكتل مرشحيها إلى العبادي".

المساهمون