إبعاد وزير الخارجية البحريني... لغز جوابه بيد "الخوالد"

06 يناير 2020
عُرف خالد بن أحمد بتأييده لإسرائيل (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
أثار الإعلان عن رغبة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتعيين الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المنتهية ولايته عبد اللطيف الزياني وزيراً للخارجية بدلاً من خالد بن أحمد آل خليفة، الكثير من التساؤلات حول طبيعة هذا التغيير المفاجئ في البحرين والمتعلق بمنصب مهم مثل وزارة الخارجية. وجاءت صيغة الإعلان عن تعيين الزياني وزيراً للخارجية، والتي أوردتها وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، مختلفة عن صيغ بقية التعيينات الحكومية، إذ قالت الوكالة إنّ ولي العهد، الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، التقى الزياني وأشاد بإنجازاته خلال فترة توليه منصب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ونقل له رغبة الملك في تعيينه وزيراً للخارجية. ولم تشر الوكالة إلى تعيين الزياني بشكل رسمي، ولم تشر كذلك إلى إقالة الوزير خالد بن أحمد آل خليفة بشكل نهائي، لكنها ذكرت تعيينه مستشاراً للشؤون الدبلوماسية لدى الملك. ومن المقرر أن يصبح الزياني وزيراً للخارجية في إبريل/ نيسان المقبل، أي عقب انتهاء مهمته الرسمية كأمين عام لمجلس التعاون.

وعُرف خالد بن أحمد آل خليفة بمواقفه العدائية تجاه دول الجوار البحريني ومنها قطر وإيران، إضافة إلى تصريحاته المثيرة للجدل والتي وُصفت بـ"غير المتزنة"، وتأييده العلني للسياسات الإسرائيلية في المنطقة، وكونه أحد عرّابي التطبيع مع إسرائيل. وقد أشرف على استضافة البحرين لمؤتمر "السلام الاقتصادي" والذي يهدف إلى تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية ضمن ترتيبات ما يُعرف بـ"صفقة القرن" الأميركية التي تهدف إلى تصفية وجود القضية الفلسطينية. ولا يعدّ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية ورجل علاقات دبلوماسية فحسب، بل هو أحد أعضاء مجلس الدفاع الأعلى، والذي يُعتبر أعلى سلطة أمنية في البلاد، ويضم في عضويته أعضاء الأسرة الحاكمة البارزين، ويتولى تسيير الشؤون الأمنية والعسكرية المختلفة.

يقول مراقبون بحرينيون إنّ استبعاد خالد بن أحمد من منصب وزير الخارجية الذي تولاه على مدى 15 عاماً يمثّل مفاجأة كبيرة، لكنه قد يكون مرتبطاً بترتيبات معينة داخل الأسرة الحاكمة، إذ يتصارع الشيوخ ذوو النفوذ على وراثة منصب رئيس مجلس الوزراء والذي يشغله الشيخ خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، عم الملك الحالي، منذ 40 عاماً، وهو في حالة صحية غير جيدة. ومرّت علاقات رئيس الوزراء، الذي كان يمسك بكثير من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، بفتور كبير مع ابن أخيه الملك حمد آل خليفة، عقب تباين وجهات النظر بينهما في ما يخصّ أزمة حصار قطر، وقيام رئيس مجلس الوزراء البحريني بالاتصال بأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فضلاً عن زيارته مرجعاً شيعياً بارزاً في بيته، وهو ما عدّه الإعلام المؤيد للملك وأبناؤه "خيانة لا تغتفر".

ويرى مراقبون أنّ المهم في القرار الأخير ليس تعيين الزياني، الذي يوصف بأنه مقرب جداً من السعودية والإمارات، واستطاع نسج علاقات مهمة مع مسؤولي الخارجية في البلدين إبان توليه منصب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، إذ إنّ حكومة البحرين ليست بحاجة للتنسيق مع السعودية والإمارات، كون الملك هو من يتولى السياسة الخارجية بنفسه، إنّما المهم هو الطريقة التي أُبعد بها خالد بن أحمد آل خليفة من دون سابق إنذار.

في السياق، قال الإعلامي والمعارض البحريني البارز، عباس صفوان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على إبعاد وزير الخارجية، إنّ "سياسة النظام البحريني لن تتغير في ما يخصّ التقارب مع إسرائيل والعداء مع إيران وقطر، كون السياسة الخارجية تُخطّ بواسطة القصر وتُرسم بواسطة مجلس الدفاع الأعلى وليس هناك مؤشرات على تغييرها". وأضاف صفوان الذي يقيم في العاصمة البريطانية لندن: "نعم الزياني موثوق بشكل كبير من قِبل السعودية نظراً لفترة عمله في مجلس التعاون، لكن طريقة إزاحة خالد بن أحمد آل خليفة من منصبه هي الأكثر غرابة ولفتاً للنظر ولا أحد يعرف أسبابها بحسب ظني".

واستعبد صفوان أن يكون إقصاء خالد بن أحمد آل خليفة مرتبطاً بصراع الأجنحة، كونه "بات محسوماً لصالح الملك، وفرصه ليست بالقوية، لأنه ليس من الصف الأول من العائلة. كما أنّ رئيس مجلس الوزراء فَقَد قوته، وما يصوره الإعلام عنه هو نوع من المبالغة".

وتواصل "العربي الجديد" مع مسؤول بارز سابق ومقرب من النظام البحريني، الذي قال بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه، إنّ: "هناك قصة وراء هذا الإبعاد المفاجئ، فالأسرة الحاكمة في البحرين لا تُخرج صراعاتها إلى العلن لأنّ هذا يُضعف قوتها، لكن إبعاد خالد بن أحمد بهذه الطريقة هو لترتيبات معينة يخطط لها الأشخاص النافذون داخل الحكومة". وبسؤاله عن إمكانية تغيير خالد بن أحمد بسبب مواقفه المؤيدة لإسرائيل، أجاب المسؤول البحريني بكلمة واحدة: "مستحيل".

وفي السياق، قال معارضون بحرينيون لـ"العربي الجديد" إنّ شحّ المعلومات حول أسباب إبعاد خالد بن أحمد من منصبه كوزير للخارجية يعود إلى أنّ السياسة الداخلية البحرينية تُقرّر من مجموعة معينة داخل أسرة آل خليفة يطلق عليها "الخوالد"، وهم مجموعة متشددة داخل الأسرة الحاكمة، إذا أصدرت أمراً فإنّ على مسؤولي الدولة تنفيذه، فيما لا تخرج التوجّهات الخارجية للمنامة عن رغبة الرياض وأبوظبي.

دلالات
المساهمون