تونس: "اتحاد الشغل" يتصدى لدعوات إسقاط الحكومة

08 مايو 2017
من الاحتجاجات في العاصمة التونسية (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -

على خلفية الاحتجاجات، التي تشهدها تونس منذ أسابيع، وتوسّع رقعتها، تواترت دعوات إسقاط حكومة يوسف الشاهد من أكثر من طرف، فيما دعا آخرون إلى انتخابات تشريعية مبكرة. ووجّه مؤسس الحزب الجمهوري العائد للعمل السياسي، أحمد نجيب الشابي، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي، ذكر فيها أن "حكومة يوسف الشاهد أصبحت في حكم المنتهي"، داعياً إياه إلى "تقديم مبادرة لإخراج البلاد من الظلمة التي أصبحت فيها".

في المقابل، اعتبر الشابي أن "حلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، لا يكون عبر إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، لأنها لا تقوم على أساس دستوري ولن تلد مشهداً أحسن من المشهد الحالي". وذهب في هذا الاتجاه رئيس الحكومة الأسبق، مهدي جمعة، الذي اعتبر في تصريح إذاعي، يوم السبت، أن "الدعوة إلى انتخابات مبكرة أو الإطاحة بالحكومة لن تكون حلاً كفيلاً بتجاوز الأوضاع الصعبة للبلاد".

وبات السبسي قريباً من التوجّه برسالة للتونسيين، يوم الأربعاء المقبل على الأرجح، خصوصاً أن الرئاسة تتحمل جزءاً من مسؤولية توتير الأوضاع، بطرحها قانون المصالحة في ظرف غير مهيأ سياسياً، تصاعدت فيه الاحتجاجات الاجتماعية في أكثر من مكان. وأعادت تلك المرحلة التذكير بالفترة التي سبقت إقالة حكومة الحبيب الصيد، وحتى أنها أعادت التذكير بنهايات عام 2013 التي قادت الى الحوار الوطني.

بدوره، شبّه القيادي في حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، الوضع الذي تعيشه تونس اليوم، بمرحلة صيف 2013، وذكر في تصريح صحافي أن "ذلك يحتّم الجلوس إلى طاولة الحوار للتوصّل إلى توافق سياسي واسع".

وأمام هذا الوضع المتفجّر، وتضارب الرؤى السياسية بشأن إمكانية الخروج من الأزمة، بدأ الاتحاد العام التونسي للشغل، التحرك كما حدث في 2013، عندما دعا إلى الحوار الوطني وتشكيل حكومة محايدة. وحذر الاتحاد منذ أيام بمناسبة انعقاد هيئته الإدارية، من تأزّم الأوضاع في البلاد على جميع المستويات، داعياً إلى "بلورة مبادرة وطنية تنقذ البلاد وتجنّبها".



وأكد بيان الاتحاد أن "احتدام التجاذبات السياسية التي تشكّل مؤشّرات عن أزمة سياسية، عمّقت تدهور الوضع الاقتصادي وزادت من ارتفاع منسوب التوتّر الاجتماعي". ونبّه من "محاولة بعض الأطراف توظيف هذه التحرّكات السلمية، والدفع إلى إعادة توزيع الأوراق وإلى الفوضى والمجهول".

وكشف الأمين العام المساعد للاتحاد، سامي الطاهري، عن أن "الوضع الحالي في تونس، ليس شبيها بأجواء 2013، لأن تلك الفترة كانت مشحونة بشكل كان يمكن أن يؤدي إلى تطاحن وحرب أهلية. ولكن هناك بالفعل أزمة كبيرة تستدعي تدخلاً عاجلاً لتطويقها وإيجاد حلول فعلية لها".

وأكد الطاهري في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الاتحاد يرفض إسقاط حكومة الشاهد والذهاب إلى المجهول"، معتبراً أن "إسقاط الحكومة أمر سهل، ويمكن تحقيقه بتوتير الأجواء والتصريحات. ولكن السؤال هو ماذا بعد؟ وهل سيكون لنا حكومة أفضل من حكومة الشاهد، لأن التجربة أثبتت أن كل حكومة هي أضعف من سابقتها".

وشدّد على "وجود مؤشرات حقيقية على أزمة سياسية بسبب التجاذبات السياسية، التي عادت بقوة، خصوصاً بين أحزاب الائتلاف الحكومي، التي لم تعمل مثلاً على إنجاح زيارة رئيس الحكومة إلى تطاوين، وبهذا الشكل لا يمكن لتونس أن تخرج من أزمتها". ولفت الطاهري إلى أن "هذه الحكومة ضعيفة هيكلياً بحكم نشأتها، وهي بذلك غير قادرة على تقديم مبادرات فعلية، ما أدى إلى ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي".

وأضاف أنه "أمام هذا الوضع، لا يمكن للاتحاد أن يبقى في موقف المتفرج على مشهد لا أحد يعرف كم سيدوم. لذلك يستعيد زمام المبادرة أمام عجز الأحزاب المتناحرة، ويدعو إلى بحث حلول وطنية بصبغة تشاركية، ويستدعي مبادرة وطنية لم تتضح معالمها إلى حدّ الآن. ولكن ينبغي التفكير فيها، وليس بالضرورة أن تكون استنساخاً لمبادرة الحوار الوطني في 2013".

الطاهري أكد، من جهة أخرى، أن "هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي أطلقتها حكومة الشاهد، وهناك إجراءات فعلية لتحسين الوضع مثل زياراته إلى مدنين وصفاقس، وإبعاد بعض الوزراء من أجل التهدئة. ولكن هذه الزيارات ينبغي أن تكون استباقية ولا تنتظر اشتعال الأوضاع في جهة ما لإطفائها بعد ذلك". ودعا في المقابل، رئيس الحكومة إلى "القيام بتقييم أداء وزرائه، ونحن نعتقد أن التقييم العقلاني سيؤدي إلى تعديلات في بعض الحقائب بما يمكن أن يسهم في تحسين أداء الحكومة عموماً".