صعود بيرني ساندرز: مرشح الشباب يغري الأقليات ويقلق المنظومة التقليدية

24 فبراير 2020
تتميز نيفادا بالتنوع العرقي (فريدرك براون/فرانس برس)
+ الخط -
تخطى بيرني ساندرز، أمس الأحد، رسمياً، صفة المرشح الدخيل على الحزب الديمقراطي الأميركي، مُحققاً فوزاً كبيراً في ولاية نيفادا، في إطار الانتخابات التمهيدية للحزب، لخوض السباق الرئاسي ومنافسة الرئيس دونالد ترامب، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وعلى الرغم من أن الطريق لا تزال طويلة أمام هذا المرشح الاشتراكي، إلا أن ما منحته إياه هذه الولاية، الواقعة في الغرب الأميركي، يشكل زخماً قوياً لحملته قبل انتخابات تمهيدية مفصلية، يوم السبت المقبل، في ولاية كارولينا الجنوبية، وفي الثالث من مارس/آذار المقبل في ما يُعرف بـ"الثلاثاء الكبير"، حين تصوّت 14 ولاية كبيرة، دفعة واحدة، لمنح عددٍ كبير من المندوبين.

ويشكل الفوز في نيفادا، وخلاصاته، انتصاراً متعدد الأوجه لساندرز. فمن جهة، أثبت هذا المرشح أنه تمكّن من توحيد التيار اليساري داخل الحزب حوله، بعدما كان الاعتقاد سائداً أن المرشحة الليبرالية إليزابيث وارن ستنافسه عليه، فيما لا تزال أصوات التيار الوسطي مشتتة بين المرشحين المنافسين، وعلى رأسهم جو بايدن وبيت بوتيدجيج، ما يخدم حملة ساندرز. من جهة أخرى، يُعدّ اختبار نيفادا الأول للمرشح الاشتراكي في ولاية تتسم بالتنوع العرقي، وتمثل ديمغرافيتها انعكاساً للولايات المتحدة ككل، ما يعني أن ساندرز، الذي كانت فازت عليه المرشحة الرئاسية السابقة، هيلاري كلينتون، في عام 2016 في تمهيديات الحزب في هذه الولاية (52 في المائة من الأصوات مقابل 47 لساندرز)، قد نجح في تحسين موقعه بين الناخبين غير البيض. ويعطي ذلك إشارة قوية لصالح هذا المرشح أيضاً في الولايات الأكبر، خصوصاً في الغرب والغرب الوسط الأميركي، حيث التمثيل النموذجي للحزب الديمقراطي. أما الانتصار الثالث، وهو ما أقرّته نتائج هذه التمهيديات، فيتمثل في تمكن خطاب ساندرز اليساري، من جذب قسم من الناخبين الوسطيين، الذين بدأت تستهويهم طروحاته الليبرالية، حول الطبابة المجانية خصوصاً، وبشكل عام إحداث التغيير الجذري في واشنطن.

ومما لا شك فيه، أن حالة التخبّط التي يعيشها اليوم الحزب الديمقراطي بشكل عام، بدأت تتعمق مع فوز ساندرز في نيفادا، خصوصاً لجهة منظومة الحزب التقليدية التي ترى في استمرار صعوده خطراً على الحزب بشكل عام، ونكسة للجهود الرامية إلى التخلص من دونالد ترامب. أما على صعيد التمهيديات، فإن حملات المنافسين لساندرز، سوف تتوحد في الهجوم عليه، من الآن فصاعداً، وهو ما بدأه بوتيدجيج أمس. ومن المتوقع أن يركز المنافسون على خطة ساندرز للطبابة الشاملة، ورفضه الإفصاح عن سجله الطبي، بعد تعرّضه لذبحة قلبية قبل فترة، كما قد يصوبون على التقارير التي تتحدث عن دعم روسي لحملته.

وبفوزه في نيفادا، نجح ساندرز، الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الشباب، هذه المرة، في جذب الأقليات، وهو ما كان نقطة ضعفه في عام 2016. ويشكل الأميركيون من أصل لاتيني 30 في المائة من سكان نيفادا، والأفارقة 10 في المائة، كما تضم جالية من أصول آسيوية صاعدة. وفي النتائج الأولية، تقدّم ساندرز لدى كل فئة عمرية تقل عن الـ65، ولدى الناخبين غير البيض، وطلاب الثانويات، كما وسّع قاعدته الشبابية عبر جذب أعداد كبيرة من المصوتين للمرة الأولى، ولدى الطبقة الوسطى التي جذبتها طروحاته. وحول ذلك، قال ساندرز إنه تمكن "من جمع تحالف متعدد الأجيال، ومتعدد الإثنيات، لن يفوز فقط في نيفادا، بل سيكتسح الانتخابات الرئاسية".

وفي النتائج الأولية أمس، تقدّم ساندرز بفارق كبير على منافسيه في نيفادا، بحسب نتائج جزئية، بحصوله على 46 في المائة من الأصوات، وحلّ بايدن ثانياً وحصد 23 في المائة من الأصوات، متقدماً بدوره بفارق كبير على بيت بوتيدجيج الذي صوّت 13 في المائة من الناخبين له. وأثبت الأخير، ومعه المرشحة آمي كلوبوشار، أنهما لا يزالان يواجهان صعوبة في إقناع الناخبين من الأقليات.

واختار المرشح الاشتراكي أن يكون خطاب الفوز "رئاسياً"، مستغلاً التصويت المتنوع الذي حظي به. ومصوباً سهامه على ترامب، قال من ولاية تكساس التي تمنح أكبر عدد من "المندوبين" في "الثلاثاء الكبير": إنهم يظنون أن بمقدورهم الفوز من خلال تقسيم شعبنا بناء على اللون أو مكان الولادة أو الدين أو التوجهات الجنسية. لكننا سنربح لأننا نفعل تماماً العكس، نحن نجمع الشعب.

ولكن مع كل الجهود والطاقات المبذولة للمرشحين، فإن الولايات الثلاث الأولى التي اختبرت التمهيديات حتى الآن، وهي أيوا ونيوهامبشير ونيفادا، لا تمنح سوى جزء بسيط من المندوبين الذين يحتاجهم أي مرشح للفوز. ومن المتوقع أن يتخذ السباق الديمقراطي بعداً وطنياً أكبر بعد انتخابات كارولينا الجنوبية، يوم السبت المقبل، مع تسليط الضوء على المرشحين الذين يملكون القدرات والموارد للمنافسة في ولايات شاسعة مثل كاليفورنيا وتكساس.
 
وعلّق الرئيس الأميركي عبر "تويتر"، على النتائج الديمقراطية، قائلاً "كما لو أن بيرني المجنون حقق نتيجة جيدة في نيفادا. بايدن والآخرون يبدون ضعفاء. مبروك بيرني، لا تسمح لهم بأخذ هذا الفوز منك".

وفي المقلب الديمقراطي، هنأ المرشح بيت بوتيدجيج، الذي كان فاز في أيوا بفارق بسيط جداً عن ساندرز، الأخير، لكنه سعى عبر خطاب قوي إلى تقديم نفسه على أنه سدّ معتدل في وجه منافسه الاشتراكي، معتبراً أن مواقف الأخيرة الشديدة الميل إلى اليسار تجعله غير قادر على توحيد الناخبين. وقال إن ساندرز "يؤمن بثورة عقائدية متصلبة تنسى معظم الديمقراطيين، هذا إن لم نتحدث عن معظم الأميركيين". من جهته، عبّر بايدن عن ارتياحه للنتيجة في نيفادا بعد هزيمتين في عمليتي التصويت الأولى والثانية، قائلاً "الآن نتوجه إلى كارولينا الجنوبية لنفوز وسنتقدم". ويعول نائب الرئيس السابق، الذي يتمتع بشعبية بين الأقليات، على نتيجة جيدة، الأسبوع المقبل، في كارولينا الجنوبية التي يشكل فيها السود أكثر من نصف الناخبين. أما السناتورة التقدمية إليزابيث وارن التي حلت في المرتبة الرابعة، فأكدت من واشنطن التي ستصوت في مارس/المقبل، أنها ستواصل السباق.