خلفيات "الصراع الناعم" بين المغرب والجزائر على ليبيا

20 مايو 2017
وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، مستقبلاً السراج(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تحولت ليبيا إلى ما يشبه حديقة خلفية للصراع بين المغرب والجزائر، إذ يتسابق البلدان إلى ضمان موطئ قدم في هذا البلد المغاربي، من خلال سعي كل طرف إلى "فرض" نفسه لاعباً رئيساً في مخرجات حل الأزمة الليبية. ويستند المغرب في سباقه مع جارته الشرقية إلى انسجام الحل الليبي المحتمل مع نتائج مفاوضات الصخيرات التي احتضنتها المملكة في عدة جولات، انتهت بتوقيع الاتفاق بين الأطراف المتنازعة في عام 2015، تحت إشراف الأمم المتحدة، فيما تكثف الجزائر من اتصالاتها لضمان حضورها المستقبلي في ليبيا.

ويعتبر الخبير المغربي في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، محمد عصام لعروسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الخلاف المغربي الجزائري حول مخرجات الأزمة الليبية يرتبط باختلاف الدوافع السياسية والأمنية للبلدين. والعنصر الأول من جوانب الخلاف بين المغرب والجزائر حول ليبيا، بحسب لعروسي، يتمثل في رغبة الجزائر في الإمساك بخيوط الوساطة، ذلك أن الجزائر، منذ عام 2015، شرعت في دعوة العديد من التيارات السياسية الليبية للحوار واستقبلت العديد من القيادات الليبية، سواء من برلمان طبرق أو من حكومة طرابلس، وفق قول الخبير نفسه. 

العنصر الثاني، وفق تحليل لعروسي، يتجسد في تذمر الجزائر من بروز الدور الإقليمي المغربي كـ"متحدث أول" في القارة الأفريقية. وبمعنى آخر، هو تذمر من التقدم الذي حققته السياسة الخارجية للمغرب في الفترة الأخيرة. ويوضح الخبير الاستراتيجي أن الدبلوماسية المغربية نجحت في إقناع العديد من الدول الأفريقية بسحب اعترافها بـ"جبهة البوليساريو"، وحققت مكسباً واضحاً من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي للقرار 2351 حول مسألة الصحراء، أخيراً، والذي يمثل خطوة إيجابية لصالح المغرب كونه يلزم الأطراف المعنية، وفي مقدمتها الجزائر، ببذل الجهود الدبلوماسية اللازمة لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع حول قضية الصحراء، وفق قوله.


وتابع المتحدث، ضمن شرحه للعامل الثالث، بأن الجزائر، على الرغم من إعلانها أمام المجتمع الدولي، أنها طرف محايد في الصراع، إلا أنها دعمت في البداية مجلس نواب طبرق وقوات خليفة حفتر، لتغير موقفها جذرياً بعد ذلك، وتقدم دعماً عسكرياً كبيراً لخصوم حفتر في غرب ليبيا، كجماعة "البنيان المرصوص"، وحزب "العدالة والبناء" الليبي، على حد وصف لعروسي. ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن الجزائر تحاول من جهة، منع مصر من السيطرة على القرار السياسي والعسكري في ليبيا، ومن جهة أخرى، تهميش المغرب الذي يعتبر عراب اتفاق الصخيرات.

والعنصر الرابع، بحسب المصدر عينه، هو توظيف الورقة الليبية بعد عزلة الجزائر وفشل سياستها الخارجية في أفريقيا وتحقيق المغرب لاختراق حقيقي في القارة تكللت بالرجوع إلى منظمة الاتحاد الأفريقي. وسجل لعروسي ما سماه إصرار الجزائر على تعديل اتفاق الصخيرات وإقناع الأطراف المتصارعة بذلك مع عدم الاعتراف بخليفة حفتر كقائد للقوات المسلحة الليبية، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه حكومة طرابلس برئاسة فائز السراج، بينما على أرض الواقع تحولت قوات حفتر إلى رقم أساسي في معادلة القوة العسكرية في ليبيا، بحسب موقف الخبير.

وأشار لعروسي إلى أن لجوء رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، إلى المغرب لطلب تدخل المملكة لإسقاط قرار دخول الأسلحة والعتاد، يكشف عن مأزق الأمن الحقيقي في ليبيا بعد اصطفاف الجزائر مع حكومة طرابلس واستمالة الموقف التونسي لصالحها، إذ تعيش تونس أوضاعاً استثنائية بسبب مواجهتها الدائمة لخطر التهديدات الإرهابية وحاجتها للدعم الجزائري عسكرياً وأمنياً، وفق تعبيره.

ولم يفت المحلل ذاته التنبيه إلى أن "الجزائر تواصل معارضتها للموقف المغربي حول ليبيا، مشيراً إلى أن الجارة الشرقية للمملكة تنضم إلى تحالفات متناقضة إيديولوجياً وسياسياً مع مصالح المغرب وأجندته السياسية والأمنية. وخلص لعروسي إلى أن اختيارات الجزائر في ليبيا، والمبنية على أسس التنافس مع المغرب، "تسعى إلى وضع موطئ قدم لها في ليبيا وفرض ترتيبات أمنية معقدة تمكنها من التواجد في المربع الأمني الليبي وتحريك أشرعة سفنه في اتجاه المجهول والفوضى"، على حد تعبيره.