حراك "السترات الصفراء" في فرنسا: تعبئة متواصلة لجولةٍ سادسة غداً

21 ديسمبر 2018
صادق البرلمان الفرنسي على مشروع قانون لحلّ الأزمة(Getty)
+ الخط -
تستمر تعبئة "السترات الصفراء" في فرنسا لجولةٍ جديدة من الاحتجاجات يوم غدٍ السبت، تشمل ساحات عدة في العاصمة باريس، ومدناً فرنسية كبرى، في وقت جاء رد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على عريضة تطالب الحكومة بوقف الضرائب على المحروقات، حصدت أكثر من مليون توقيع، متأخراً، رغم الدور المباشر الذي كانت لعبته هذه العريضة في إشعال شرارة الحراك، ما جعل من مُطلِقتها اسماً مهمّاً من أسماء ممثليه، يُحسب لها حساب.

رسالة ماكرون

وكان ردّ الرئيس الفرنسي عبارةً عن رسالة طويلة نشرها على موقع "change.fr"، يستعرض فيها الإجراءات الحكومية التي أطلقها الأسبوع الماضي، من دون أن يتردد في دعوة بريسيلا لودوسكي، التي كانت وراء إطلاق حملة التواقيع، للاتصال به عن طريق البريد الإلكتروني.    

وفي الرسالة، يتفهم الرئيس، أخيراً، معاناة لودوسكي التي واجَهت، والكثير من المواطنين، بشكل مباشر، ارتفاع أسعار المحروقات، ما دفعها لإطلاق العريضة.

ويؤكد ماكرون أنه "سمع خطابها"، ولهذا فهو "يجيبها بشكل مباشر"، وهو يرى أنها "على حق". ويستعرض الرئيس إجراءات الحكومة التي أوقفت الزيادة على المحروقات عام 2019، وأيضاً ارتفاع أسعار الكهرباء: "هذا جوابٌ واضح على موضوع العريضة المحدَّد".

ويتطرق ماكرون لغضب صاحبة العريضة، لأنّ "مواضيع كثيرة لا يعتبر المواطنون مسؤولين عنها"، فيعترف بالهوة بين الشعب ومسؤوليه، ثم يتعهد بأن التزامه السياسي "نابع من الإرادة في ردم الهوة"، معترفاً بأنه لم ينجح حتى الساعة، بعد 18 شهراً من وصوله إلى السلطة، كما أن التغيرات المنجزة لا يشعر بها الشعب، بشكل كافٍ.

ولهذا يكتب الرئيس أنه "أعلن عن حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية"، ثم يستعرض الإجراءات التي يعبر عنها مشروع القانون، الذي انتهى مجلس النواب، في ساعة متأخرة من ليل الخميس -الجمعة (الخامسة فجر اليوم)، من المصادقة عليه، وهو ما يؤكده مجلس الشيوخ، اليوم.

وأضاف الرئيس الفرنسي، في محاولة لطمأنة شرائح لم تقنعها الإجراءات المعلنة، أنه أعلن، أيضاً، عن تشديد مكافحة الامتيازات غير المستحقة والتهرب الضريبي، مشيراً إلى أن الحكومة والبرلمان يعملان مع رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، وأيضاً مع الشركات الكبرى التي تحقق أرباحاً في فرنسا، من أجل دفع ضرائبها داخل البلاد.

والطريف أن الرئيس الذي يواجه أشد أزمة اجتماعية في ولايته الرئاسية، بسبب "السترات الصفراء"، امتدح العريضة الاحتجاجية، وصاحبتها التي قامت بـ"عمل مواطنيّ".

ويختم الرئيس رسالته برغبته في مواصلة الحديث مع بريسيلا لودوسكي، من أجل "العثور على الحلول، معاً، وعبر الحوار".

وإذا كان كثرٌ من ممثلي حركة "السترات الصفراء" عبّروا عن ترحيبهم بهذا الجواب الرئاسي، إلا أنهم عابوا مجيئه متأخراً، بعدما دفعت فرنسا ثمناً غالياً، إن على المستوى البشري، مع مقتل تسعة من "السترات الصفراء"، والمئات من المعتقلين والجرحى، أو على المستوى الاقتصادي، حيث عرفت شركات كثيرة خسائر كبرى، خاصة مع فترات الأعياد، وهي الفترة التي تحقق فيها أرباحاً قياسية، مقارنة بباقي شهور السنة.

الجولة السادسة للحراك

وفي ما يخصّ الجولة السادسة بالنسبة لمن لم تقنعهم الإجراءات الحكومية، ومع استمرار التعبئة في كثير من المواقع والطرق السيارة، فقد أعلنت مواقع التواصل الاجتماعي عما ينتظر فرنسا، غداً السبت، إذ ثمة دعوة للتظاهر في ثلاثة أمكنة في باريس، في ساحات "ليتوال" و"الأوبرا" و"لاديفونس"، وأيضاً، وخصوصاً، أمام "قصر فرساي"، مقر ملوك فرنسا، في إشارة إلى اعتبار كثير من المتظاهرين ماكرون ملكاً، "لويس السادس عشر"، يجب التخلص منه.

وقد أعلنت السلطات، عن إغلاق القصر، غداً، في بادرة استباقية، وعن تعويض السياح خسائرهم.


وثمة أيضاً دعوة للتظاهر والاعتصامات في العديد من المدن الفرنسية - أكثر من 14 مدينة - منها تولوز وديجون وليون وبوردو، إضافة إلى دعوة لإغلاق الحدود مع إيطاليا وبلجيكا وألمانيا، دون إغفال محاولة شلّ بعض الموانئ.​