تمدّد خلايا "داعش" يوسّع دائرة المدن العراقية المهددة

09 يونيو 2019
خطر تنظيم "داعش" ما يزال قائماً (الأناضول)
+ الخط -
جاءت تحذيرات رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، من خطر "الجيل الثالث للإرهاب" متزامنة مع هجمات شنّها عناصر تنظيم "داعش" في مناطق عراقية عدة، ما دفع مسؤولين إلى المطالبة بعمليات عسكرية عاجلة لمواجهة هذا الخطر، فيما قال خبراء في الأمن إنّ عناصر التنظيم الذين يعملون بشكل منفرد، أصبحوا قريبين من حدود مدن مهمة.

ودعا زعيم ائتلاف "الوطنية"، إياد علاوي، في بيان أول من أمس، إلى إيجاد خطط واستراتيجيات حقيقية لمواجهة خطر "الجيل الثالث للإرهاب"، موضحاً "سبق أن حذّرنا مراراً وتكراراً من عودة الجيل الثالث للإرهاب، وتنظيم داعش، في نشاطاته الإجرامية التي تستهدف أرواح العراقيين والأشقاء العرب". وشدّد على ضرورة الإسراع بوضع خطط لمواجهة هذا الخطر، موضحاً أنّ "البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة لم تتغير لتكون طاردة للإرهاب". ودعا علاوي إلى إجراء تحقيقات عاجلة في ما حدث من جرائم إرهابية أخيراً، وإنزال أقصى العقوبات بالمتورطين في تلك الأعمال.

والأسبوع الماضي، قُتل وأصيب أكثر من 20 عسكرياً عراقياً بهجوم لتنظيم "داعش"، في بلدة الطارمية شمالي العاصمة بغداد.

وفي السياق، قال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، سعد المطلبي، إنّ هذا الهجوم "يمثّل خطراً على أهالي الطارمية التي ابتليت بعصابات داعش"، مؤكداً، في حديث مع "العربي الجديد"، وجود خلايا للتنظيم تنفّذ جرائمها، وتفرض إتاوات على السكان المحليين. وأوضح المطلبي أنّ الخطر يأتي من بساتين بلدة الطارمية الواسعة، مشدداً على ضرورة استبدال القطعات الأمنية هناك بأخرى "أكثر جدية".

وقلّل المطلبي من أهمية دور مسلحي العشائر في مواجهة الإرهاب بالطارمية، موضحاً أنّ مشاركة فصائل "الحشد الشعبي" في عملية عسكرية إلى جانب الجيش "يمكن أن تحسم الأوضاع هناك بشكل أسرع".

إلى ذلك، قال ضابط في وزارة الدفاع العراقية إنّ خطر تنظيم "داعش" بدأ يزداد أخيراً في محيط وبداخل مدن مهمة في بغداد ونينوى وكركوك وصلاح الدين، مؤكداً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ ذلك "يتطلّب مراجعة سريعة للخطط الأمنية المتبعة في المناطق التي تشهد تدهوراً أمنياً، لا سيما تلك الواقعة شمال بغداد، وجنوب وغرب نينوى، وجنوب كركوك".

وشدّد الضابط، الذي رفض ذكر اسمه، على ضرورة تفعيل الجهد الاستخباري إلى جانب العمليات العسكرية الواسعة من أجل الوصول إلى مخابئ عناصر "داعش"، مشيراً إلى تلقّي وزارة الدفاع أخيراً شكاوى عن انتهاكات بحق المدنيين قام بها عناصر أمن. ولفت إلى اتخاذ الوزارة إجراءات سريعة بهذا الشأن، كي لا تكون ذريعة لتمدد التنظيم في المناطق المحررة مجدداً.

وفي السياق ذاته، أكّد الزعيم القبلي الذي قاتل تنظيم "داعش" إلى جانب القوات العراقية في نينوى، حسام الجبوري، أنّ "بعض عناصر الأمن يسيئون التعامل مع المدنيين"، موضحاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "مثل هذه التصرفات قد تمثّل مدخلاً للتنظيم لتحريض السكان المحليين ضدّ القوات الأمنية".

وقالت رئاسة أركان الجيش العراقي، مطلع الشهر الحالي، إنها فتحت تحقيقاً مع جندي عراقي ظهر في مقطع فديو وهو يسيء لامرأة وطفل في نينوى، مؤكدةً أنه سيتم إنزال أقصى العقوبات بحق هذا الجندي.

إلى ذلك، رأى الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، أنّ الخطر في المحافظات المحررة شمال البلاد وغربها ما يزال قائماً، موضحاً أنّ شبكات تنظيم "داعش" نفّذت، خلال الأسبوع الفائت، 39 عملية إرهابية أسفرت عن سقوط 60 عراقياً بين قتيل وجريح.

وأوضح الهاشمي، في منشور عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، أنّ أشدّ هجمات "داعش" كانت تلك التي استهدفت "الحشد" في بلدة أبي صيدا بمحافظة ديالى (شرق)، إلى جانب كمين محكم استهدف القوات العراقية، وثلاث هجمات في قاطع شمال بغداد، بالإضافة إلى هجمات في نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار. وأشار إلى أنّ هجمات "داعش" انتقلت من الصحاري إلى أطراف المدن الحضرية، ضمن ما يسمى بـ"غزوة الاستنزاف".

ولفت الهاشمي إلى اعتماد "داعش" على العمليات التي ينفّذها ما يطلق عليهم "الذئاب المنفردة" بالتنظيم ضمن مفارز منسقة، "بهدف العزف على وتر الطائفية"، منتقداً العمليات الأمنية التي قال إنها ما تزال تقليدية في الممارسات التنفيذية والمعلوماتية. وأشار إلى عودة "داعش" إلى الاستراتيجية التي اعتمدها خلال الفترة بين عامي 2012 و2014، التي تلخصت في تكوين التنظيم، ثمّ التمهيد بالبحث عن حاضنة، وصولاً إلى إعلان التمكين، مؤكداً أنّ "داعش" بدأ يستهدف المدن ذات الكثافة الديمغرافية.

وكان عضو البرلمان العراقي، فرات التميمي، قد حذّر، في وقت سابق، "من النهايات السائبة للعمليات الأمنية"، مؤكداً أنّ هذه النهايات تمنح تنظيم "داعش" فرصة للتغلغل.

في غضون ذلك، حذّر عضو البرلمان العراقي رعد الدهلكي من خطورة الأوضاع الأمنية في ديالى، مؤكداً، في بيان له أخيراً، عودة عمليات القتل والتهجير التي تطاول المدنيين الأبرياء. وأوضح الدهلكي أنّ "المليشيات والعصابات المسلحة تفرض سطوتها على القانون، في ظلّ ضعف القرار الأمني، نتيجة للمحاباة والمجاملات السياسية"، مشيراً إلى "وجود مخطط لتقويض الأمن والاستقرار في ديالى". وطالب الدهلكي، القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بالتدخّل العاجل وإرسال قوات خاصة من بغداد تعمل على فرض القانون، مشدداً على ضرورة التصدّي الفوري والحازم للمليشيات والعصابات العابثة بأمن البلاد.

المساهمون