وأشارت الدراسة التي أصدرها اليوم "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، بعنوان "هوية مصر في عهد السيسي: السمات المميزة للإنسان المصري الجديد"، إلى أن الحملة التي انخرطت وسائل الإعلام والأجهزة التعليمية في شنّها، "ترمي إلى بناء جيل مصري جديد يكون أكثر تشرباً للقيم التي يؤمن بها النظام ويكون أوضح استعداداً للتجند لخدمة أهدافه".
وأوضحت الدراسة التي أعدّها الباحثان عوفر فنتور وأساف شيلوح، إلى أن الخطاب الحاكم لجدل الهوية الذي فجره نظام السيسي، يقوم على مبدأين أساسيين: أولاً؛ الإنسان المصري يمثل النقيض للإسلامي. ثانياً؛ الهوية المصرية تمثل فسيفساء من المركّبات: الفرعونية، اليونانية الرومانية، القبطية، الشرق أوسطية، والأفريقية، إلى جانب المركّبين الإسلامي والعربي.
وأوضحت أنه في حين تمثل "الآخر" الذي سعى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لبناء الهوية المصرية لمواجهته في "الغرب والكولونيالية والصهيونية"، فإن "الآخر" الذي تهدف الهوية الجديدة التي يحاول السيسي فرضها، تمثله جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن النظام يعمل على تصميم المشهد الإعلامي المصري بهدف تحقيق هذا الهدف.
وأشارت الدراسة إلى أن الحملة التي أطلق عليها السيسي "بناء الإنسان المصري الجديد"، تهدف بشكل غير مباشر إلى ضرب المركّب الثوري في الشخصية المصرية، على اعتبار أن تحقيق هذا الهدف ينسجم مع أهداف النظام الرئيسة.
ويلفت معدّا الدراسة إلى أن الشباب هم الفئة المستهدفة من حملة "الهوية" التي يشنّها السيسي، مشيرَين إلى أن هذا ما يفسر حرص الأخير على تنظيم مؤتمرات الشباب في أوقات متقاربة بهدف التأثير على توجهاتهم.
ولفتت إلى حقيقة أن النظم الشمولية هي التي عادة ما تنشغل في شنّ حملات، تهدف إلى التأثير على مركّبات الهوية الوطنية أو تسعى إلى بناء توازنات جديدة فيها.
ورأت الدراسة أن الحملة تسعى بشكل حثيث إلى تحسين صورة النظام، من خلال إبداء مواقف إيجابية إزاء اليهودية، مشيرة إلى إعلان وزير الآثار المصري خالد العناني في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن التراث اليهودي يعدّ مركّباً أساسياً من التراث القومي المصري تماماً كالمركّبات الأخرى، وهو ما جعله يؤيد إعادة ترميم الكنس اليهودية في مصر.
واستنتجت أن السيسي يخضع هذه الحملة لمتطلبات بقاء نظامه وضمان استقراره، من خلال إثارة جدل الهوية أمل أن يسهم في صياغة بيئة داخلية وبناء نخبة شبابية، تكون أكثر استعداداً لاستخدام كل الأدوات والوسائل التي تخدم النظام وتعمل على تحقيق أهدافه.
واستدركت الدراسة أن هناك شكوكاً في فرص نجاح حملة السيسي في تحقيق أهدافها، بسبب المعارضة القوية التي تواجه بها من طرف قوى مصرية، وضمنها قوى ليبرالية، إلى جانب حقيقة أن الحملة تنطوي على تناقضات بنيوية.
ونقل الباحثان عن نخب ليبرالية مصرية قولها، إن الهدف الرئيس الذي يرمي السيسي إلى تحقيقه، يتمثل في محاولة بناء "جيل خانع يسهل انقياده وتوجيهه ليتماهى مع أهداف النظام".
وحسب الدراسة، فإن أبرز التناقضات البنيوية في الحملة، تتمثل في أنها تسعى للانفتاح على "الآخر" الخارجي في حين يضيق النظام ذرعاً بالأصوات التي تختلف معه في الداخل، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تركز الحملة على "قيم التسامح"، يعتمد النظام أساليب القمع والتمييز ضد معارضيه.