روسيا... الشرطي الطيب

02 يناير 2017
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني (Getty)
+ الخط -

مع الاتفاق الروسي ـ التركي لإجلاء المدنيين والثوار المحاصرين في حلب الشرقية، ومحاولة مليشيات عراقية وحزب الله إفساد الاتفاق، ثم المشاورات بين موسكو وأنقرة لعقد اتفاق وقف إطلاق نار شامل، ومحاولة المليشيات الإيرانية والنظام إفساد الاتفاق من خلال الهجوم على وادي بردى والقلمون، عادت مسألة الخلاف الروسي ـ الإيراني إلى واجهة الأحداث مجدداً.

تلك النظرية ظهرت في سياق قراءة تداعيات التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية، الذي اعتبر بمثابة تهديد للهيمنة الإيرانية، في الوقت الذي حرص فيه الروس والإيرانيون مع النظام السوري على إظهار التنسيق في ما بينهم على أعلى المستويات، في صورة تنفي الخلاف.

بدا المشهد السوري باعتباره ميداناً لصراع روسي ـ إيراني خفي، بين إرادة روسيا السيطرة ومدّ نفوذها من دون التورط في حرب بلا نهاية، وبين رغبة إيران في قطف ثمار دعم النظام، وتجنيدها المليشيات من العراق ولبنان وأفغانستان لصالحه. ويصل هذا التحليل ذروته الدرامية بالتعويل على روسيا لإخراج إيران من سورية، الفكرة التي تبدو متسقة مع انسداد الأفق واليأس الذي ضرب الجميع.

الحديث عن خلاف روسي ـ إيراني، يشبه الفكرة "السينمائية" التقليدية عن "الشرطي الطيب" و"الشرطي السيئ" في إطار تبادل الأدوار للوصول لأفضل النتائج أثناء التحقيق مع المتهم. لهذه الفكرة تطبيقاتها الأمنية الواقعية، وربما يتم تصعيدها واستثمارها سياسياً. وهنا لا أنفي اختلاف الأجندة، ووجود خلافات، لكن هناك تناغماً على الأرض في دعم الأسد، ينفي أن تكون الخلافات مؤثرة، فضلاً عن الحديث عن إنهاء الهيمنة الإيرانية على سورية.

ربما تحاول روسيا أن تلعب دور "الشرطي الطيب" للوصول إلى أفضل النتائج، في ظل رغبة موسكو بعدم التورط في حرب استنزاف طويلة الأمد في سورية، تذكر بغزو أفغانستان في الثمانينيات. تلوّح موسكو بجزرة المفاوضات، في الوقت الذي تملك فيه أكثر من عصا، فعلاوة على تدخلها المباشر وقاذفاتها التي تحرق كل شيء، هناك المليشيات الإيرانية الحليفة على الأرض، والتي يريد الرئيس الروسي استثمارها لأقصى حد، فيرفع شعار: بوتين الذي يريد أن ينهي الحرب ويفاوض، بمقابل الأشرار، خامنئي والأسد، الذين يريدون للحرب أن تستمر، وأنا من سينقذكم منها، لكن عليكم الخضوع.

المساهمون