تضييق الخناق على المعتصمين في الخرطوم...والبرهان يلتقي بن سلمان

02 يونيو 2019
شارك المئات بمسيرة داعمة للمجلس العسكري(أشرف الشاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الوضع في السودان مفتوحاً على كل الاحتمالات، وسط تزايد المؤشرات على نية المجلس العسكري تضييق الخناق على المعتصمين، تمهيداً لاحتمال فضّ الاعتصام، مسنوداً بدعم إقليمي يوفره له المحور السعودي الإماراتي المصري، في مقابل حرص من المجلس على تقديم "أوراق اعتماده"، إذ إنه، وبعد ساعات من إغلاق مكتب قناة "الجزيرة" في العاصمة الخرطوم، استدعى المجلس العسكري السفير السوداني في الدوحة فتح الرحمن علي محمد إلى الخرطوم لـ"التشاور" قبل الإعلان عن أنه سيعود إلى عمله في الدوحة خلال "الساعات المقبلة". وجاء ذلك فيما كان رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، قد عقد ليل الجمعة السبت لقاءات على هامش القمة الإسلامية في مكة، كان أبرزها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "بحثا آفاق التعاون بين البلدين، وتطورات الأحداث في المنطقة"، وذلك بحضور وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان والسفير السعودي لدى السودان علي جعفر، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

وفي الوقت الذي دعت فيه قوى "إعلان الحرية والتغيير"، أمس السبت، إلى أداء صلاة عيد الفطر في مقرات الاعتصام، نفت ما تردد من أنباء عن استئناف التفاوض بينها وبين المجلس العسكري. كذلك نفت تقارير أخرى عن اتفاق بين الجانبين حول تشكيل المجلس السيادي بالمناصفة بين المدنيين والعسكريين. وقال القيادي في "الحرية والتغيير" أحمد الربيع، لـ"العربي الجديد"، إن "كل التقارير التي رشحت السبت تتنافى مع واقع توقف المفاوضات عند نقطة الخلاف حول المجلس السيادي، ولا يوجد في الوقت الراهن أية اتصالات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير".

وحول العمليات العسكرية التي نفذتها وحدات مشتركة من الجيش وقوات التدخل السريع في منطقة شارع النيل على مقربة من محيط الاعتصام في الخرطوم، قال الربيع إن "المنطقة المعنية خارج مقر الاعتصام، لكن ذلك لا يعني أن قوى الحرية والتغيير موافقة على التعامل معها بتلك الطريقة القمعية التي تصل إلى حد إطلاق الرصاص، إنما يجب أن يتم التعاطي معها بطريقة قانونية والابتعاد عن استخدام الرصاص". ولجأت وحدات عسكرية إلى تطويق ما بات يعرف بمنطقة "كولمبيا" بشارع النيل، بعد انفلات أمني حدث خلال الأيام الماضية، وأدى إلى مقتل شاب وامرأة. ويعتقد على نحو واسع أن المنطقة يتم بيع المخدرات والممنوعات فيها. وفي السياق، حذّرت قوى "إعلان الحرية والتغيير"، على لسان القيادي فيها محمد المصطفى أمس السبت، من عملية "التراخي المنظم" للأجهزة الأمنية في "عدم احتواء المجموعات الخارجة عن سلطة القانون"، موضحاً أن "فلول النظام السابق افتعلت إثارة المشاكل في شارع النيل أسفل الجسر الحديدي لتشويه صورة الثورة". وشدّد على أن "الثورة لن تحيد عن السلمية ونرفض كافة أشكال العنف". وأوضح أن "هناك جهات لديها مصلحة في اندلاع العنف من أجل إثارة العنف والفتنة".



وفي إطار استمرار الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين، أعلنت قوى "إعلان الحرية والتغيير"، أمس السبت، تسيير مواكب إلى ميادين الاعتصام في الخرطوم وبقية مدن السودان، أول أيام العيد، وأداء صلاة العيد في مقرات الاعتصام. موضحة، في بيان لها، جدول الفعاليات للأسبوع الأول من يونيو/حزيران الحالي، مشيرة إلى أنه ستتخلل مواكب اليوم الأحد أعمال دعائية للتوعية بالإضراب والعصيان المدني والتعبئة، والدعاية لأداء صلاة العيد يوم الثلاثاء المقبل في ساحة الاعتصام.

في موازاة ذلك، أصدرت قوى "الإجماع الوطني"، أحد مكونات "إعلان الحرية والتغيير"، بياناً اعترضت فيه على ما جاء في خطاب البرهان، يوم الخميس الماضي، أمام القمة العربية في مكة، مشيرة إلى أن البرهان أعلن في خطابه عدم نية العسكر تسليم السلطة إلا إلى قوى سياسية منتخبة عبر انتخابات شرعية، مؤكدة أن ذلك يتنافى مع التزامات المجلس العسكري المعلنة أمام الشعب السوداني وأمام قوى "إعلان الحرية والتغيير". وأضافت أن "رئيس المجلس العسكري تحدث في خطابه عن سنتين كفترة انتقالية، رغم اتفاق المجلس مع الحرية والتغيير على أن تكون الفترة 3 سنوات". وأشارت إلى أن "التراجع أمام القمة العربية يأتي في إطار تسويف المجلس العسكري الذي لم ينقطع، ومحاولاته الالتفاف على ثورة السودان". وأضافت أن "المجلس العسكري ضرب بعرض الحائط أهداف ومبادئ الثورة من مدنية وديمقراطية راسخة والتغير الجذري الذي يربط قضايا الديمقراطية والسلام والتنمية بالفترة الانتقالية ذات الأهمية القصوى، وحاول تفريغ المحتوى العظيم لثورة عظيمة إلى مجرد تغير شكلي في الشخوص والمسميات". وبينت أن "المجلس العسكري حاول، في مؤتمر صحافي لقيادات عسكرية (قبل أيام) تمرير أسباب واهية عبر مخطط مكشوف لدمغ ميدان الاعتصام السلمي بأنه أصبح وكراً للجريمة، ويشكل خطراً على الثورة والثوار".

ولا يبدو أن المجلس العسكري ينوي التراجع عن خطواته التصعيدية بحق المعارضة أو المعتصمين، فيما بدا واضحاً أنه قرر مواجهة الشارع بالشارع، إذ شارك مئات الأشخاص، أمس السبت، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، في مسيرة داعمة للمجلس العسكري في الخرطوم، حاملين صوراً لجنرالات المجلس، فيما ردّد آخرون هتافات دينية. وهتف المشاركون، وغالبيتهم شباب، في وسط الخرطوم "مائة بالمائة (حكم) عسكري". وحمل بعض المشاركين لافتات عليها صور البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.

وجاءت التطورات الميدانية بالتزامن مع أخرى سياسية، أثارت استياء المعارضة، بما في ذلك استدعاء السفير في الدوحة للتشاور. وقال رئيس حزب "منبر السلام العادل" الطيب مصطفى، لـ"العربي الجديد"، إن قرار وزارة الخارجية السودانية استدعاء السفير في الدوحة للتشاور يمثل مؤشراً واضحاً وجلياً على اختيار المجلس العسكري الانتقالي الانحياز للمحور السعودي الإماراتي المصري". واعتبر أن "قرار المجلس العسكري لا يُقرأ بمعزل عن قرارات السلطة إغلاق مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم ومع زيارات البرهان لدول المحور"، مشيراً إلى أن "تلك الخطوات لا يمكن تفهمها إلا في إطار الحصول على دعم مالي، لكن ليس في إطار التناغم الكامل مع المحور السعودي الإماراتي المصري، لأنه أصلاً ليس من حق المجلس اتخاذ قرارات خاصة بالسياسة الخارجية، وهي قرارات ينبغي أن يتم النظر فيها بعد إكمال بناء هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية". وكانت وزارة الخارجية السودانية قد أعلنت، أمس السبت، أن السفير السوداني لدى قطر فتح الرحمن علي محمد سيعود إلى عمله في الدوحة خلال "الساعات المقبلة"، مشيرة إلى أنه استدعي إلى الخرطوم "للتشاور". وكانت المتحدثة باسم الخارجية لولوة الخاطر قد أعلنت في تغريدة على "تويتر" أن السفير غادر الدوحة في إجازة قصيرة.

المساهمون