شكوك تحيط خطة كيري السورية: مجازفة الوقوع بفخ بوتين

23 يوليو 2016
الخطة مخيبة للآمال (ليونهارد فويغير/ فرانس برس)
+ الخط -

تشكك المعارضة السورية الرئيسية التي لا تثق في نوايا روسيا، ومنتقدو الحكومة الأميركية والحلفاء الأوروبيون في التحالف المناهض لتنظيم "الدولة الإسلامية"، في آخر اقتراح قدمه وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتوثيق التعاون بين واشنطن وموسكو ضد الجماعات التي تصنفانها "جماعات متطرفة" في سورية.


ووصف عدد من المسؤولين العسكريين ومن مسؤولي الاستخبارات الأميركيين الخطة بالساذجة، وفق ما نقلته وكالة "رويترز"، وقالوا إن كيري يخاطر بالوقوع في الفخ الذي نصبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشويه سمعة الولايات المتحدة لدى جماعات المعارضة المسلحة المعتدلة، ودفع بعض مقاتليها إلى أحضان "الدولة الإسلامية" وغيرها من "الجماعات المتطرفة" الأخرى.

وعبرت بعض الدول الأوروبية التي تشارك في التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" عن قلقها بشأن تبادل معلومات استخباراتية مع روسيا التي يقولون إنها شريكة غير جديرة بالثقة في سورية.

والاقتراح الحالي الذي يأمل كيري في وضع اللمسات الأخيرة عليه خلال أسابيع، يضع تصورا لسبل تبادل واشنطن وموسكو لمعلومات استخباراتية من أجل تنسيق الضربات الجوية ضد "جبهة النصرة"، جناح تنظيم "القاعدة" في سورية، ومنع سلاح الجو السوري من مهاجمة جماعات المعارضة المعتدلة.

ويقول حلفاء كيري في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، إن الخطة تمثل أفضل فرصة لتقليص القتال الذي يدفع آلاف السوريين، ومعهم بعض مقاتلي "الدولة الإسلامية" المدربين، إلى التدفق على أوروبا، والذي يمنع أيضاً وصول المساعدات الإنسانية إلى عشرات الآلاف الآخرين. ويقولون إن الخطة تمثل أيضا فرصة للحفاظ على مسار سياسي.

وقال مسؤولان يدعمان جهود كيري إنه لا يوجد بديل للعمل مع الروس في نهاية المطاف.



وقال مستشار البيت الأبيض السابق لشؤون الشرق الأوسط، فيليب غوردون، الذي يعمل الآن لدى مؤسسة مجلس العلاقات الخارجية البحثية "ثمة أسباب للتشكك كما هو الحال مع أي نهج في سورية، لكن أولئك الذين ينتقدون هذه الخطة على أنها لا يمكن أن تنجح أو أنها معيبة لأسباب أخرى مثل العمل مع روسيا، عليهم مسؤولية تقديم شيء أفضل أو أكثر فعالية".

ويقول منتقدو كيري، إن الخطة فيها عيوب، ويرجع ذلك جزئيا لأنها على وضعها الحالي ستترك للروس وللنظام السوري مطلق الحرية، في استخدام القوات البرية ونيران المدفعية ضد الجماعات المعتدلة التي تحارب قوات النظام.

مشكلتان أساسيتان
يقول المنتقدون أيضا إن استهداف "جبهة النصرة" صعب لأن مقاتليها في بعض المناطق يمتزجون بمقاتلي جماعات معارضة أكثر اعتدالا.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه، وفق ما نقلته "رويترز": "هذا يؤكد مشكلتين أساسيتين يبدو أن كيري يتجاهلهما، الأولى: أن هدف الروس في سورية لا يزال إما إبقاء (رئيس النظام السوري بشار) الأسد في السلطة أو إيجاد خليفة ما مقبول بالنسبة لهم، والثانية: إن بوتين أثبت مرارا وتكرارا ليس فقط في سورية أنه لا يمكن الوثوق به في احترام أي اتفاق يبرمه إذا قرر أنه لم يعد في مصلحة روسيا".

وخلال أيام هناك فرص لاجتماع كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف أو لاوس. لكن حتى إذا تم إقرار هذه الخطة فإنها من غير المرجح أن تقدم إغاثة سريعة للمدنيين المحاصرين في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات والتي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها قتلت 400 ألف شخص.

وقال كيري للصحافيين أمس الجمعة، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما "أذن وأمر بهذا المسار"، وإن الخطة ستعتمد على خطوات محددة وليس على الثقة. ولكن حتى كيري امتنع عن التعبير عن التفاؤل، وقال بدلاً من ذلك، إن تلك المحاولة تظهر "قدرا من التبشير بالخير".

وذكر دبلوماسي أوروبي أن كيري ولافروف اتفقا على صياغة خارطة تبين مواقع نشاط جبهة النصرة.

وقال الدبلوماسي لـ"رويترز" "سيقرر الجانبان عندئذ من خلال التحليل المشترك من المستهدف، من خلال وضع الولايات المتحدة في غرفة التخطيط نفسها، على موسكو حينها ضمان أن طائرات الأسد أوقفت القصف".


وأضاف الدبلوماسي أنه " متفائل بطريقة كيري لكن الشيطان يكمن في التفاصيل وأنهم غير مقتنعين بأن موسكو جادة".

ويشعر كثير من المسؤولين الأميركيين بالقلق من أن تبادل معلومات استخباراتية مع روسيا يهدد بخطر كشف مصادر المخابرات الأميركية وأساليبها وقدراتها.

ألاعيب

من جهته، قال نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الأعلى للبرلمان الروسي، أندريه كليموف، إنه حتى إذا تم الاتفاق على الخطة فإنها ستكون لفترة قصيرة فقط حتى تتولى الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور. وتنتهي فترة رئاسة أوباما في يناير/ كانون الثاني المقبل.

وقال كليموف لـ"رويترز" "أخشى أن الأسد يتوقع ألاعيب من الأميركيين، كانوا يقولون دائما إنه منبوذ، والآن هم على وشك أن يقولوا للأسد: أنت تعرف، رجاء قدم لنا إشعارا مسبقا قبل يوم واحد من قيام قواتك الخاصة بتدمير شخص ما".

وعقب اجتماع مع بوتين الأسبوع الماضي عبر كيري عن قلقه إزاء القصف العشوائي من قبل القوات السورية، لكنه لم يذكر الانتهاكات الروسية لاتفاق وقف الأعمال القتالية على الرغم من أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.آيه) أشارت إلى تلك الانتهاكات علنا.



وقال مسؤول أميركي: "ما يلفت النظر ليس ما قاله كيري لكن ما أخفق في قوله" مضيفا أن كيري استبعد "حقائق مزعجة" بشأن الانتهاكات الروسية.

وقال السفير الأميركي السابق لدى سورية، روبرت فورد، وهو الآن زميل بارز في معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن لـ"رويترز" إنه سواء كانت نية موسكو سيئة أو أنها تفتقر إلى النفوذ "ليس من الواضح بالنسبة لي أن الروس يمكنهم تنفيذ الجانب الخاص بهم في الاتفاق".

وقالت المعارضة السورية إنها تشعر بقلق بشأن ما إذا كانت روسيا يمكن أن تنجح في منع الحكومة السورية من استخدام قواتها الجوية.

وقالت عضو الهيئة العليا للمفاوضات، بسمة قضماني، لـ"رويترز" في واشنطن الأسبوع الماضي: "وضعت إدارة (أوباما) رهانها على التعاون بحسن نية مع الروس بنتائج مخيبة للآمال حتى الآن".