فيلتمان "الأممي" يعود من بوابة كوريا الشمالية

07 ديسمبر 2017
فيلتمان وباك أثناء لقائهما (كيم وون ـ جين/فرانس برس)
+ الخط -
على عكس كل استعراضات القوة المتبادلة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، بدا وكأن "النافذة" التي يُمكن من خلالها إعادة العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ، ولو بصورة غير مباشرة، إلى وضعية ما قبل التجارب الكورية الشمالية المتلاحقة، قد فُتحت، على وقع زيارة وُصفت بـ"النادرة" لرجلٍ تعرفه جيداً بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه الأميركي جيفري فيلتمان.

كان لافتاً بدء فيلتمان، بصفته "مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية"، زيارة رسمية إلى كوريا الشمالية، يوم الثلاثاء الماضي، تستمرّ حتى يوم غد، الجمعة. الزيارة هي الأولى من نوعها له منذ توليه مهامه عام 2012، والأكبر لمسؤول أممي منذ ذلك التاريخ أيضاً. الزيارة، وبحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، ستشمل "مباحثات لفيلتمان مع مسؤولين كوريين شماليين، وستتطرق إلى مواضيع ذات اهتمام وقلق مشتركين"، ولم يوضح دوجاريك ما إذا كان فيلتمان سيلتقي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

والتقى فيلتمان، أمس الأربعاء، نائب وزير الخارجية باك ميونغ غوك، وبحثا "التعاون الثنائي ومسائل أخرى تتعلق بالمصالح المشتركة"، وفقاً لوكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية. جدول الأعمال يتضمّن لقاء المسؤول الأممي دبلوماسيين أجانب وفريق الأمم المتحدة المنتشر في كوريا الشمالية ضمن مهمة إنسانية. وسيزور فيلتمان مواقع عدة تنفذ فيها الأمم المتحدة مشاريع، فضلاً عن العاصمة بيونغ يانغ. واللافت أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة وجّهتها كوريا الشمالية للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أثناء الجمعية العامة السنوية للمنظمة في سبتمبر/ أيلول الماضي. الأهم في الزيارة، ليس أنها أتت بعد تجربة بيونغ يانغ للصاروخ البالستي "هواسونغ – 15" العابر للقارات، والقادر على الوصول إلى الولايات المتحدة فقط، بل شخص فيلتمان بالذات.



"العزيز جيف" في لبنان، بحسب النائب اللبناني وليد جنبلاط، كان مرافقاً لمحطات عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستنداً إلى بلاغته في التحدث باللغات الإنكليزية والعربية والعبرية والمجرية والفرنسية. فيلتمان المولود لأبوين يهوديين في غرينفيل ـ أوهايو، عمل للمرة الأولى في هايتي، ثم خبيراً اقتصادياً في السفارة الأميركية في المجر بين عامي 1988 و1991، وبين عامي 1991 و1993، عمل في مكتب وزارة الخارجية الأميركية، متخصصاً في شؤون أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية. وبعد أن درس اللغة العربية عاماً كاملاً في عمّان ـ الأردن، انضمّ إلى طاقم السفارة الأميركية في تل أبيب بين عامي 1995 و1998، وعمل على متابعة الوضع الاقتصادي في قطاع غزة.

أدار القسم السياسي والاقتصادي في السفارة الأميركية في تونس، بين عامي 1998 و2000، قبل العودة إلى تل أبيب مساعداً شخصياً للسفير الأميركي هناك، مارتن أنديك، في عملية السلام بين عامي 2000 و2001، انتقل بعدها للعمل في القنصلية الأميركية في القدس المحتلة بين عامي 2001 و2003. إثر ذلك، "تطوّع" فيلتمان للعمل مع "سلطة الائتلاف المؤقتة" في أربيل ـ العراق، بين يناير/ كانون الثاني وإبريل/ نيسان 2004. وفي يوليو/ تموز 2004 بات سفيراً للولايات المتحدة في لبنان، ممضياً 3 أعوام ونيّف، انتهت في يناير 2008. شهد فيلتمان في بيروت اغتيال رئيس حكومة البلاد، رفيق الحريري، ثم التظاهرات المطالبة بخروج قوات النظام السوري من لبنان عام 2005، وراقب أيضاً، الاعتداء الإسرائيلي على لبنان عام 2006، والأزمة السياسية التي احتدمت فيه. وبعد مغادرته بيروت، عمل مساعداً لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2009 و2012.

دور فيلتمان الحالي يمكن اعتباره "مفصلياً"، فدائماً ما كان أساسياً في المناصب التي تبوأها، خصوصاً أن قدرته على التفاعل مع المجتمعات المضيفة، أثناء مكوثه لديها، يجعله قادراً على فهم التركيبات الاجتماعية لدى كل مجموعة أو بلد. في تل أبيب، كان "إسرائيلياً" أكثر من غلاة اليمين المتطرف، وفي بيروت كان "لبنانياً" في يومياته وسلوكياته. أما دوره الحالي في كوريا الشمالية، وإن كان بمهمة أممية، لا أميركية، فإن العامل الأميركي لن يكون بعيداً عن محادثاته. من المؤكد أنه بعد انتهاء زيارة فيلتمان إلى بيونغ يانغ، فإن الوضع قد يتدهور سريعاً أو يتحسّن سريعاً بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)


المساهمون