قالت قيادات "التيار الديمقراطي" في تونس عقب لقائها رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، إنّ المفاوضات حول تشكيل الحكومة لم تبلغ بعد النضج المطلوب، بل إنها كانت مجرد إعلان نوايا من الطرفين لا أكثر.
وبحسب تلك القيادات، التي استمعت إلى تصور الجملي، أمس الثلاثاء، فإن التيار لم يغير موقفه قيد أنملة من الضمانات التي طلبها سابقاً للمشاركة في الحكم وفي مقدمتها تولي أبناء الحزب لحقائب الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، رافضاً بذلك مقترح رئيس الحكومة المتعلق بتحييد الوزارات السيادية.
Facebook Post |
وعرض الحبيب الجملي تصوراته على عدد من الأحزاب الممثلة برلمانياً ومن بينها التيار "الديمقراطي". وتتمثل معالم هذا التصور في تحييد الوزارات السيادية وتطعيم الحكومة بكفاءات مستقلة وأخرى من خارج الأحزاب الفائزة في البرلمان بالإضافة إلى كفاءات متحزبة على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية. ولا يعد هذا التصور مرضياً بالنسبة للتيار، ويعتبر أن هذا التحييد غطاء يحجب الانتماء الحقيقي للمرشحين لهذه الوزارات.
وأوضح نائب أمين عام "التيار الديمقراطي"، محمد الحامدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "التيار الديمقراطي يعتبر أن الحديث عن تحييد وزارات السيادة يوجه الرأي العام نحو انتفاء الانتماء الحزبي للمرشحين لهذه الوزارة، في حين أن الإشكال الحقيقي في الحياد تجاه قضايا الفساد والملفات الحقيقية في هذه الوزارات والابتعاد عن تفكيك اللوبيات".
وأشار إلى أنه "سبق أن تولى هذه الوزارات تكنوقراط وأكفاء غير أنهم لم يستطيعوا إجراء أي اصلاحات أو فتح الملفات الحساسة".
ويرفض التيار هذه الرؤية لأن الظرف الحالي يقتضي إصلاحات حقيقية في هذه الوزارات وتفكيك شبكات الفساد ومواطن الخلل فيها. علاوة عن ذلك، لا ثقة للتيار في من يتم تعيينهم وزراء تكنوقراط، إذ بحسب التيار، هم في الحقيقة مجرد أشخاص إما من الصفوف الخلفية لأحزاب أو يدينون بالولاء لها.
وكشف الحامدي، في هذا السياق، لـ"العربي الجديد"، أنّ الجملي قدم إعلان نوايا يتضمن برنامجاً حكومياً يراعي الأولويات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية واتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إصلاحات جذرية وحكومة تعمل ضمن القيم العامة للثورة على غرار الحرية والديمقراطية وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية.
ووصف المحدث اللقاء مع الجملي بالأوّلي لتبادل الرؤى دون الخوض في تفاصيل تشكيل الحكومة.
وأبرز المتحدث أن رئيس الحكومة المكلف شدد على استقلاليته وأنه لن يخضع لتعليمات حزب "النهضة" في تشكيل الحكومة.
وكرر التيار، من جانبه، أنه طالب بضمانات لا يعدها في إطار المحاصصة وإنما في إطار تغيير طريقة الحكم نحو احترام القانون وضرب الفساد، بحسب الحامدي.
ونفى نائب رئيس التيار أي توجه نحو تخفيض سقف هذه الشروط باعتبارها ضمانات أقرها المجلس الوطني للحزب، مشدداً على أنه ليس من صلاحيات أي قيادي أو هيكل آخر التراجع عنها أو تعديلها. غير أنه استدرك قائلاً "مع ذلك فإن الحزب مستعد للتفاعل الإيجابي مع مقترحات رئيس الحكومة المكلف".
من جهة ثانية، جدد الحزب تأكيده على ألّا يكون جزءاً في حكومة يمثل صلبها حزب "قلب تونس"، وهو ما علق عليه الجملي بأن تشاوره مع الأحزاب حول التوجهات العامة للمرحلة المقبلة لا يعني ضرورة وجودها ومشاركتها في الحكومة.