ولدت أسماء محمد عبد الله، وهي أول سيدة سودانية تتولى حقيبة وزارة الخارجية، في العاصمة الخرطوم عام 1946، وبدأت العمل بوزارة الخارجية في مستهل سبعينيات القرن الماضي، وكانت من بين عدد قليل من النساء اللائي عملن بالسلك الدبلوماسي.
يذكر أن العديد من السودانيات تولين من قبل مناصب وزارية، بيد أنها لم تتعد وزارات الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم. أما تعيين عبد الله في وزارة الخارجية فهو، بحسب كثيرين يشكل قفزة كبرى، لأنها باتت أول امرأة تتولى وزارة ذات عمق سيادي في السودان. وسيفتح تعيينها الطريق أمام قفزات بتمثيل المرأة قد تصل لوصول امرأة لمنصب وزيرة الدفاع أو حتى منصب رئاسة الجمهورية لاسيما مع تنامي اهتمام النساء بالسياسة.
بدأت عبد الله حياتها الدبلوماسية من المقر الرئيس لوزارة الخارجية السودانية في الخرطوم، ثم تنقلت بين عدد من المحطات، حتى وصلت إلى وظيفة الوزير المفوض ومديرة إدارة الأميركيتين بالوزارة.
في عام 1989، انقلب الرئيس المعزول عمر البشير على السلطة الديمقراطية في البلاد بإيعاز من حزب الجبهة الإسلامية القومية بزعامة حسن الترابي، واتخذ النظام الجديد سياسة عرفت بسياسة التمكين التي تقوم على إبعاد العناصر غير الموالية في الخدمة المدنية وفي السلك الدبلوماسي وإحلال أنصار النظام مكانهم، فكان أن اتخذ قراراً بفصل عدد كبير من الدبلوماسيين من بينهم أسماء محمد عبد الله.
قررت أسماء محمد عبد الله الهجرة بعد ذلك إلى المغرب مع زوجها الشاعر والتشكيلي حسن محمد عثمان، كما أنها عملت رفقة عدد من الدبلوماسيين المبعدين من الوزارة، في مكتب للترجمة وتنظيم المؤتمرات الدولية، لكن ذلك لم يوقف حنينها لشارع النيل في الخرطوم حيث يقع مقر وزارة الخارجية السودانية.
لم يكن اسم أسماء محمد عبد الله ضمن ثلاثة أسماء رشحهم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير لرئيس الوزراء عبد الله آدم حمدوك لشغل منصب وزير الخارجية، لكن حمدوك دفع باسم السفيرة السابقة، أسماء محمد عبد الله، لتحالف للحرية والتغيير كمرشحة لمنصب ظل حكراً على الرجال منذ تشكيل أول حكومة في السودان عام 1954.
تردد التحالف خلال نقاشه في قبول تعيين المرشحة بمنصب وزير الخارجية نظرا لكونها غير معروفة بالأوساط السياسية والدبلوماسية، على الأقل بالنسبة لقيادات تحالف الحرية والتغيير ونظرا لسنها التي تناهز السبعين عاما. لكن تردد التحالف لم يصمد أمام إصرار رئيس الوزراء عليها.
ويأتي رهان حمدوك عليها بهدف إصلاح علاقات السودان الخارجية وتحقيق مصالح البلاد التي يضعها حمدوك أولوية الدبلوماسية السودانية خلال الفترة المقبلة، معتمدا على معرفة السفيرة السابقة بكواليس العمل داخل الوزارة.
وللمرأة عموماً تاريخ طويل بالحياة السياسية بالسودان حيث انتخبت أول امراة للبرلمان في عام 1965، واختيرت فاطمة عبد المحمود كأول وزيرة سودانية في حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري في عام 1976، وعادت الوزيرة نفسها لتكون في عام 2015 أول مرشحة لرئاسة الجمهورية وجاءت في المركز الثالث.
وفي حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وصلت أقنس لوكودو لمنصب حاكم إقليم الاستوائية كما شغلت عدة نساء مناصب وزارية مختلفة.