احتجاجات "السترات الصفراء" في باريس تتحول إلى "حرب شوارع": عشرات المعتقلين والمصابين

01 ديسمبر 2018
عشرات الآلاف احتجوا ضد سياسات ماكرون اليوم (الأناضول)
+ الخط -
أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن عدد المتظاهرين اليوم السبت، بلغ حتى الساعة الثالثة بعد الظهر 75 ألف شخص. كما تحدثت وسائل إعلام فرنسية عن إصابة 65 شخصا، ضمنهم 10 أمنيين، بالإضافة إلى اعتقال 205 أشخاص على خلفية هذه التظاهرات.


فقد تكررت التظاهرات ومشاهد العنف والشغب في باريس، ووصلت إلى مستويات بالغة العنف، رأى فيها بعض الساسة ملامح عصيان، ومشاهد حرب شوارع. وكما رفض المتظاهرون، السبت الماضي، الأماكن المقترحة للتظاهر، رفضوا اليوم التظاهر في الأماكن التي حاولت السلطات دفعهم إليها، وهو ما جعلهم يحتشدون في العديد من المناطق حول "ساحة إيتوال".

ولأنّ السلطات الأمنية دفعت بأعداد إضافية من الشرطة والدرك، التي وصل عدد أفرادها اليوم إلى 4000 شخص، مقابل 3000 في السبت الماضي، تغيّر المنظر عن سابقه قبل أسبوع، وقررت قوات الأمن هذه المرة أن تبادر وتعتقل، بعنف ظاهر، كل من اشتبهت في نياته استخدام العنف.

وقد استبقت السلطات الأمنية هذه التظاهرة، فقامت بالتضييق عليها ومحاولة الحد من عدد من يصل إلى الشانزيليزيه، من "السترات الصفراء"، بتفتيش دقيق للمتظاهرين، وأيضا بإغلاق العديد من محطات المترو (17 محطة)، التي تؤدي إلى مكان التظاهرة، ومن بينها محطات "أوبرا" وكل المحطات ما بين محطة "تروكاديرو" و"إتوال"، وهكذا أغلقت محطات سان - فيليب دو رول، فرانكلين روزفلت، وشانزيليزيه - كليمونصو، وكونكورد.

ولا تزال الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الأمن متواصلة في محيط "ساحة إيتوال" وفي أنحاء كثيرة من العاصمة، ما أدى إلى اعتقال أكثر من 200 متظاهر، وجرح أكثر من 92 شخصا، من بينهم 14 من أفراد الشرطة، بعدما أحرقت نحو عشر سيارات في محيط الشانزيليزيه، وفي مناطق أخرى من العاصمة، كشارع "ريفولي"، وتخريب وتكسير واجهات العديد من المتاجر والمطاعم.

وكانت ثلاث تظاهرات قد أعلنتها وزارة الداخلية، في "بورت مايو" و"ساحة الجمهورية"، وقد جرت في جوّ أقل توترا، و"جادة شانزيليزيه"، التي حدث فيها عنف شغب تجاوَزَ ما جرى فيها السبت الماضي.


وعلى الرغم من الحالة الاستباقية لوزارة الداخلية، إلا أن المتظاهرين استطاعوا الوصول إلى كل الجادّات التي تتفرع من ساحة "إيتوال"، إذ استطاع بعض هؤلاء الصعود إلى سطحها، وجرت فيها أعمال عنف وشغب، وتم فيها إحراق وكالتين مصرفيتين في "جادة كليبير" و"هوسمان-ميرومينيل".

وقد جرت، ولا تزال، حتى الساعة السادسة مساءً، لعبة كرّ وفرّ بين الشرطة والمتظاهرين، نجح فيها المتظاهرون في اجتياح "جادة فوش" و"جادة فريدلاند"، حيث تم إحراق عدة سيارات، من بينها سيارة شرطة، ومحطة "سان لازار"، ما أوقف قطارات عديدة منها قطارات الضاحية السريعة.

وتجدر الإشارة إلى تنظيم تظاهرة لنقابة "سي جي تي" العمالية، في ساحة الجمهورية، جنبا إلى جنب مع "السترات الصفراء"، ضد "البطالة والفقر"، وكانت أعدادهم في حدود ألف شخص.

وليست باريس وحدها التي شهدت تظاهرات، فقد جرت تظاهرات كذلك في العديد من المدن كمرسيليا، التي حدثت فيها مصادَمات مع الشرطة، وستراسبورغ ونانت، الذي اجتاح مطارها بعض أفراد "السترات الصفراء".

كما جرت تظاهرات وعمليات تخريب في بلدات شارلليفيل، وأرديل، حيث قام بعض المتظاهرين بالتخريب وإحراق صناديق القمامة.

ولم تخل تظاهرة اليوم من مَظاهر صادمة، خاصة تعرض شرطي للضرب قبل أن يخلصه متظاهرون آخرون. وهو ما دفع رئيس الحكومة إدوار فيليب، للتعبير عن إدانته لمظاهر العنف "غير المسبوق" وعن "صدمته"، حين رسم المتظاهرون شعارات وكتابات على بعض رموز فرنسا، ويتعلق الأمر بقوس النصر ثم محاصرة قبر الجندي المجهول.

أول تعليق لماكرون

وفي تعليقه على الأحداث، التي تواصلت على مدار الليلة، أكّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من بوينس أيرس، حيث يشارك في قمة مجموعة العشرين، أن "ما حدث في باريس لا علاقة له بالتعبير السلمي عن غضب شرعي"، وأضاف: "لا شيء يبرر مهاجمة الشرطة، ولا نهب المتاجر، ولا تهديد حياة الصحافيين، ولا تدنيس قوس النصر"، الذي كُتِبت عليه شعارات منها ما يُطالب برحيل رئيس الجمهورية.

وتحدث ماكرون عن "مثيري الشغب"، الذين اعتقل أكثر من 270 منهم، في باريس، وحدها، لحد الساعة، قائلًت إن هؤلاء يريدون الفوضى، ويخونون القضايا التي يدّعون أنها يخدمونها". وتوعَّد بـ"اعتقالهم واعتبارهم مسؤولين عن أعمالهم".

وكشف أنه سيلتقي، غداإالاثنين، رئيس الحكومة، إدوار فيليب، ووزير الداخلية، كريستوف كاستانير والمسؤولين الأمنييين، لتقييم الوضع. وأضاف: "إنني أحترم المطالِب وأسمع المعارَضات... ولن أقبلَ العنفَ، أبدًا".

كما رفض الرئيس ماكرون الإجابة عن أسئلة بخصوص موقفه من حركة السترات الصفراء، بعد هذا اليوم الذي يصف الكثيرون مجرياته بـ"مظاهر عنف خطيرة"، فيما يتحدث البعض الآخر عن "عصيان".

صدمة سياسيين

وقد عبّر العديد من الساسة الفرنسيين عن صدمتهم مما حدث، فتحدثت زعيمة اليمين مارين لوبان عن وضعية عصيان في البلد، مطالبة رئيس الجمهورية باستقبال زعماء الأحزاب السياسية.

من جهته، أدان رئيس الجمهورية السابق فرانسوا هولاند، ما جرى في العاصمة من عنف وشغب. كما عبّرت عمدة باريس آن هيدالغو عن "حزنها الكبير" و"إدانتها" لمظاهر العنف. فيما توعد وزير الداخلية كريستوف كاستانير مثيري الشغب، وجدد ثقته في رجال الأمن.

أما جاك لوك ميلانشون، زعيم "فرنسا غير الخاضعة"، الذي تظاهر في مارسيليا، فقد أشاد بـ"الثورة المُواطِنة"، معتبرا أن الرئيس إيمانويل ماكرون "نجح في إطلاق شرارة ثورة، ولكن ليست تلك التي كان يتصورها".

المساهمون