"جيش حلب": وحدة عسكرية متأخرة لصدّ الغزو

02 ديسمبر 2016
أهالي حلب الشرقية ينزحون (ابراهيم أبو ليث/الأناضول)
+ الخط -
بعد أيام من التقدم الواسع الذي حققته قوات النظام والمليشيات المقاتلة معها في الأحياء الشمالية الشرقية من مدينة حلب، أعلنت فصائل المعارضة في المدينة حلّ نفسها جميعاً، وتشكيل جسم عسكري جديد باسم "جيش حلب"، تمكن في أول إنجاز له من صد هجمات قوات النظام في جنوب المدينة في حي السكن الشبابي بمنطقة البحوث العلمية، واسترجاع ما خسرته من مواقع خلال الساعات السابقة لتشكيل الجيش. ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه الخطوة، التي يرى البعض أنها جاءت متأخرة، ستكون قادرة على تغيير موازين القوى التي مالت بقوة في الأيام الماضية لمصلحة معسكر النظام ومليشياته التي حولت شرقي حلب إلى مقبرة حقيقية بحسب تعبير المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا.

في هذا السياق، نقلت قناة "حلب اليوم" من خلال حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، عن القائد العام لهذا الجيش، أبو عبد الرحمن نور، قوله إن "الهدف من تشكيل الجيش هو توحيد الجهود لصدّ الهجمة الشرسة التي تشنها قوات النظام وفك الحصار عن المدينة".

وأبو عبد الرحمن هو قائد قطاع حلب في "الجبهة الشامية"، كبرى فصائل المعارضة الموجودة في أحياء حلب الشرقية. وإضافة إلى "الجبهة"، فقد ضمّ الجيش مقاتلين من تسعة فصائل أخرى، أبرزها حركة أحرار الشام الإسلامية، وكتائب نور الدين الزنكي، وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً). وتم تعيين أبو بشير معارة قائداً عسكرياً لهذا الجيش. وأشار مسؤولون في الفصائل، إلى أن "الجيش الجديد هو إشارة لاتحاد حقيقي للفصائل"، متوقعين اختلاف وتيرة المعارك خلال الأيام المقبلة نتيجة هذه "الوحدة العسكرية"، مع العلم بأنه سبق لفصائل مدينة حلب المحاصرة، أن أعلنت منتصف الشهر الماضي، تشكيل مجلس قيادة حلب، للوقوف في وجه قوات النظام ومليشياته، بقيادة أبو عبد الرحمن نور. وجاء تشكيل "جيش حلب" تلبية لمطالب الأهالي وناشطين بالاتحاد لصدّ هجمة قوات النظام على المدينة، وسياسياً من أجل الرد على أية نيات روسية لمواصلة استهداف المدينة بحجة ملاحقة عناصر جبهة فتح الشام.

في هذا السياق، رأى المحلل العسكري، العميد زاهر الساكت، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة ضرورية من أجل إدارة المعركة بقيادة موحدة والاقتصاد بكل شيء، من استهلاك الذخيرة والطعام والوقود". وأضاف أن "كل من يرفض الوحدة تحت راية الجيش السوري الحر هو عدو للثورة السورية".

واعتبر أن "هذه الخطوة لا تكتمل إلا بفتح معركة في الريف الجنوبي، خصوصاً أنه جرى سابقاً تحطيم الخطوط الدفاعية للنظام في هذا القطاع. وهو غير قادر على إعادة بنائها كما كانت، إضافة إلى فتح معركة من الريف الغربي أيضاً وإعادة المحاولة بشكل مختلف عن السابق". وأضاف الساكت أنه "بالتزامن مع ذلك، ينبغي على جيش حلب المحاصر التحرك بهدف الالتقاء مع القوات المهاجمة من الريف في أحد الاتجاهات الناجحة".

وحول قدرة مقاتلي المعارضة المحاصرين في حلب على الصمود، في حال لم يكن هناك عمل عسكري لفكّ الحصار عن المدينة من خارجها، أكد الساكت أنهم سوف يصمدون "لأنهم يعلمون مكر المليشيات الحاقدة، الذين يعتقلون الشباب ويسوقونهم للخدمة العسكرية ويضعونهم في الصفوف الأولى لقتال أهلهم". ولفت إلى أن "هذه المليشيات ارتكبت عمليات اغتصاب بحق النساء، مثل الاعتداء على طفلة عمرها 13 عاماً مع أمها وقتل شقيقها أمام أبيها. بالتالي لا يمكن الوثوق لا بالمليشيات ولا بالنظام الذي جلبها". وحذّر الساكت قادة الفصائل الموجودة في الريفين الجنوبي والغربي بأن "مقاتليهم سوف يقومون بتصفيتهم إذا لم يتحركوا لنصرة المحاصرين في حلب خلال أسبوعين على الأكثر، لأنهم في هذه الحالة ينفذون أجندة خارجية".

من جهته، اعتبر قائد حركة أحرار الشام الإسلامية المعيّن حديثاً، علي العمر، أن "أولويات عمل الحركة هي إكمال مساعي التوحّد والاندماج مع باقي فصائل المعارضة". وأوضح في تسجيل مصور نشرته الحركة أمس الخميس، أن "سبب الانتكاسات الأخيرة هو التفرقة والشرذمة بين الفصائل"، متعهداً بأن "المرحلة المقبلة ستكون إصلاحاً لما سبق".

ميدانياً، كانت باكورة اندماج فصائل المعارضة، تمكن هذه القوات من إحباط هجوم قوات النظام والمليشيات المساندة لها على حي الشيخ سعيد في المحور الجنوبي لحلب الشرقية، واستعادة بعض المناطق التي تقدمت إليها قوات النظام في منطقة "السكن الشبابي" المجاورة.

وشنّت قوات المعارضة فجر أمس هجوماً معاكساً على محور السكن الشبابي، وذلك بعد ساعات قليلة من سيطرة قوات النظام على نقاط واسعة في السكن. ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بالأسلحة الثقيلة، واستطاعت قوات المعارضة تدمير دبابة للنظام والاستحواذ على أخرى، وقتل العديد من عناصر النظام، مع استعادة جميع النقاط التي خسرتها. كما صدّت قوات المعارضة محاولة تقدم شنتها قوات النظام تحت تمهيد مدفعي على جبهة حي بستان القصر، موقعين قتلى وجرحى في صفوف المهاجمين.

وحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فإن "قوات المعارضة تمكنت في محور الشيخ سعيد، جنوب شرقي حلب، من استعادة أجزاء من السكن الشبابي، والسيطرة على نحو نصف حي الشيخ سعيد بعد هجوم معاكس وعنيف. وباتت السيطرة على الحي مناصفة بين قوات النظام والفصائل، مع محاولة كل طرف استعادة السيطرة على كامل الحي، فيما تترافق المعارك مع قصف مكثف بين الطرفين، كذلك سقطت قذائف أطلقتها الفصائل على أماكن في منطقة الملعب البلدي بمدينة حلب، ما أسفر عن سقوط جرحى".

من جهتها، واصلت قوات النظام قصف ما تبقى من أحياء تحت سيطرة قوات المعارضة شرقي المدينة. وقد قتل ثلاثة أطفال مع أمهم جراء قصف مدفعي لقوات النظام على حي المعادي. كما استهدفت مدفعية النظام وصواريخه أحياء صلاح الدين، والمشهد، والأنصاري الشرقي، والجزماتي، وحلب القديمة، ما أدى إلى دمار كبير في الممتلكات. وذكر مركز حلب الإعلامي أنه تم العثور على جثتين بمنزل مهجور في حي بعيدين، مرجحاً مقتلهما على يد المليشيات الكردية بعد دخولهم الحي. وكان ما يسمّى بالإعلام الحربي في جيش النظام، قد ادّعى أن الأخير سيطر بشكل كامل على السكن الشبابي المحاذي للبحوث العلمية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وكذلك على حي الشيخ سعيد.

وفي الريف الحلبي، سقط قتلى وجرحى إثر استهداف الطيران الحربي بالصواريخ مدينة عندان في ريف حلب الشمالي. كما سقط عشرات القتلى والجرحى جراء انفجار لغم في سيارة ببلدة السحارة بريف حلب الغربي، من دون معرفة مزيد من التفاصيل حول الحادث. من جهتهم، أطلق مقاتلو المعارضة رشقات من صواريخ "غراد" على تجمعات قوات النظام في بلدتي نبل والزهراء المواليتين بريف حلب الشمالي، رداً على مجازر النظام وحصاره للمدنيين في حلب.

المساهمون