تونس: تعديل برلماني يستهدف منع ترشح رؤساء الجمعيات ووسائل الإعلام للانتخابات

13 يونيو 2019
الانتخابات التشريعية مقررة في 6 أكتوبر(Getty)
+ الخط -

يبحث البرلمان التونسي، قبل أقل من أربعة أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، تعديلاً جوهرياً جديداً على القانون الانتخابي، ما فتح باب الجدل على مصراعيه، بين مساندٍ ورافضٍ لتغيير قواعد اللعبة، بمنع الإشهار السياسي وتمجيد الديكتاتورية والنظام السابق.

واتفقت الأحزاب الحاكمة على تمرير تعديلات حكومية للقانون الانتخابي، حيث حشد حزبا "النهضة" و"تحيا تونس" لتمرير مقترحات تقضي بعدم قبول ترشح مخالفي قانون الجمعيات والأحزاب، لكل من ثبت استغلاله للإشهار السياسي، بشكل يقصي رؤساء الجمعيات الخيرية وأصحاب المؤسسات الإعلامية من الترشح.

كما تمّ الاتفاق على إبعاد الأحزاب التي تمجد النظام القديم وتشيد بالديكتاتورية والإرهاب، عن المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.

وحضر رئيس حزب "النهضة"، راشد الغنوشي، وأمين عام حزب "تحيا تونس"، سليم العزابي، الى مقر البرلمان، لإقناع الكتل النيابية بضرورة التوافق على هذا الخيار السياسي، الذي سيحسم الكفة لعدد من المرشحين على الساحة السياسية.

وتأتي الزيارة الملفتة للغنوشي والعزابي للبرلمان، بعدما أظهرت نتائج نوايا سبر الآراء واستطلاعات الرأي صعوداً صاروخياً لحزب نبيل القروي، صاحب قناة "نسمة" ورئيس جمعية "خليل تونس" الخيرية، إضافة الى الصعود البارز لعبير موسي، رئيسة حزب "الدستوري الحر" الذي يضم تجمعيّين وموالين للنظام السابق.

وينص التعديل التوافقي على إدراج بند جديد ينص على أنه "لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهراً التي تسبق الانتخابات بأعمال يمنعها المرسوم المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، على الأحزاب السياسية أو مسيريها، أو تبين قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي".

وينص البند على أنه "تقرر الهيئة إلغاء نتائج الفائزين في الانتخابات التشريعية إذا ثبت لها عدم احترامهم لأحكام هذا الفصل. وتتخذ الهيئة قرارها بناء على ما يتوفر لديها من إثباتات، بعد الاستماع الى المعنيين بقرار رفض الترشح أو إلغاء النتائج. وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام القضاء وفق الإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون".

ويرى مراقبون أن هذا البند تمّ تفصيله خصيصاً للقروي، بشكل سيبعده عن المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة التي أعلن نيته للترشح لها، كما سيعيق تكوين حزبه السياسي الجديد، وسيمنع جمعية "عيش تونسي" الصاعدة من استغلال مكانتها الشعبية، للتحول الى حزب سياسي انتخابي مستقبلاً.

وتمّ الاتفاق بين الغنوشي ويوسف الشاهد أيضاً على تمرير بند آخر ينص على إلزام هيئة الانتخابات "رفض ترشح كل من يثبت لديها قيامه بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي ومبادئ الدستور والتداول السلمي للسلطة، أو يدعو للعنف والتمييز والتباغض بين المواطنين، أو يمجد سياسات الدكتاتورية وممارسات انتهاك حقوق الانسان أو يمجد الإرهاب أو يهدد النظام الجمهوري ودعائم دولة القانون".


ويعتبر المتابعون أن هذا البند يستهدف عبير موسي، التي لم تفوت مناسبة دون تمجيد نظام زين العابدين بن علي، رافعة لواء تجميع فلول النظام السابق حول يافطة حزب التجمع المحلول، والوفاء للنظام السابق بكل تفاصيله.

وقال راشد الغنوشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحزب يساند التعديلات المقترحة من الحكومة، وسيعطي صوته لها، مشيراً الى وجود توافق حول إدراج نسبة حسم 3 بالمائة، مشدداً على أن التوجه هو التمسك بإجراء الانتخابات، وليس تأخيرها.

وحول المقترحات المثيرة للجدل، بيّن رئيس حزب "النهضة" أنه ينبغي الفصل بين العمل السياسي والخيري والعمل الاجتماعي، وعدم توظيف مجال لصالح الآخر، معتبراً أن ما يحصل يمثل نوعاً من التلاعب والتحايل على الديمقراطية، بحسب رأيه.

وتنص التعديلات أيضاً على فرض تقديم وثائق تفيد الخلو من السوابق العدلية، بإضافة بند يجبر الهيئة على استلام بطاقة رقم 3 خالية من السوابق العدلية، أو وصل الاستلام من الجهات الأمنية والقضائية.

كما تقر التعديلات منع المرشحين الذين لم يقدموا ما يفيد القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح، في الآجال المنصوص عليها بالقانون، الى جانب التصريح بتسوية وضعيتهم مع الضرائب للسنة الماضية.

من جهته، قال القروي، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، إن ما يحدث تحت "قبّة البرلمان من سعي محموم للكتلة النيابيّة التّابعة لرئاسة الحكومة وحزب تحيا تونس وحلفائها لفرض تمرير تعديلات وتنقيحات على القانون الانتخابيّ، يعتبر مؤشراً خطيراً لعودة الديكتاتوريّة، بدأت معالمه تتضح منذ فترة، وها هو يظهر اليوم بشكل جليّ وواضح في محاولة للتراجع عن المسار الديمقراطي".

 

دلالات