في الـ21 من أغسطس/آب في العام 2013، كان نظام بشار الأسد قد فشل في كسر شوكة مقاتلي المعارضة السورية، وإجهاض ثورة أطفال درعا بالقتل تلو القتل؛ فأخرج من جعبته سلاحه الكيماوي، واستباح الغوطتين الشرقية والغربية. قصف المدنيين العزل بغاز الخردل والأعصاب والكلور والسيانيد والسارين وغيرها، بدون أن يرتعد. ملأ مشهد الاحتضار المكان. وراحت الضحايا تتساقط تباعاً بعد استنشاق الموت. أكثر من 1722 قتيلاً وآلاف المصابين، وآلام ستنتقل من جيل لآخر نتيجة التشوهات التي تخلفها تلك الغازات السامة.
حبس العالم أنفاسه لأيام، ثم أسابيع. وظنّ الضحايا أن أيام السفاح باتت معدودة، كيف لا وقد تجاوز "الخطوط الحمراء"، التي رسمها المجتمع الدولي والأميركيون، واستخدم الغاز "المحرّم"؛ فقد كان قتله السابق أخف وطأة، كونه بسلاح "ناعم" بالنسبة لهم، أما وقد ضرب بالمحرّمات، فإنّ تلقينه درساً بات أمراً واجباً. حُشّد الرأي العام العالمي، وجُهزت الأساطيل الحربية، وقُرعت طبول الحرب بانتظار الرصاصة الأولى لـ"تأديب السفاح".
غير أنّ "مصالح الكبار" كانت أعلى من صرخات أطفال الغوطتين وأصوات الاستغاثات، و"أسمى" من مشاهد الموت؛ عُقدت الصفقة، وسلّم السفاح الكيماوي للدول الغربية، فأُعيدت الأساطيل إلى مراسيها؛ ومضى العالم في سبيله وكأن شيئاً لم يكن. وكان الأمر بمثابة ضوء أخضر من المجتمع الدولي لاستباحة دماء السوريين أكثر. وانضم إلى آلة قتلهم جيوش جديدة، حليفة للنظام، وبات القصف بالسلاح المحرّم حدثا عابرا، لم يستدع الأمر أكثر من الإدانات والاستنكار.
في ذكرى مجازر الغوطتين، يستعرض "العربي الجديد" ما جرى في ذلك اليوم، وكيف كافأ العالم نظاماً مجرماً على جرائمه المتواصلة، وكيف تخلى عن السوريين، الذين بات أطفالهم ينتظرون الموت "كي يشكوا إلى الله" ما فعل القتلة بهم.