انطلاق البحث عن قانون للانتخابات التشريعية في لبنان

02 يونيو 2016
جدل تجاه قانون الانتخابات التشريعية اللبناني (فرانس برس)
+ الخط -


انتهت الانتخابات البلدية في لبنان، وعاد النشاط السياسي لينصبّ بشكل كامل حول ملف الانتخابات النيابية والقانون الانتخابي الذي من المفترض أن يجرى على أساسه هذا الاستحقاق العام المقبل.

في السياق، عقدت اللجان المشتركة في البرلمان، جلسة جديدة أمس الأربعاء، لمتابعة هذا الملف، إذ جرت بشكل رئيسي مقاربته من زاويتي النظام المختلط بين المبدأ الأكثري والنسبي، ومسألة تقسيم الدوائر الانتخابية.

وجاء تعليق نائب رئيس البرلمان فريد مكاري، واضحاً من حيث الإيجابية في التعاطي السياسي والنيابي مع موضوع القانون الانتخابي، إذ أشار بعد انتهاء الجلسة إلى أنه "لأول مرة في الجلسات هناك جدية لأبعد الحدود، لأننا بدأنا بهذه النقاط الأساسية المتعلّقة بتقسيم الدوائر وعدد النواب، أي النسبي والأكثري، وأعتقد أن هاتين النقطتين هما جوهر أي قانون انتخابي".

ومن المفترض أن تتابع اللجان النيابية هذا الملف في جلسة من المقرّر عقدها يوم الثلاثاء المقبل، في حين أجمعت مواقف الكتل النيابية على ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات وعدم الاستمرار في القانون الحالي، المعروف باسم "قانون الستّين"، نظراً لكون إقرارها يعود إلى عام 1960 ولو تمّ إجراء بعض التعديلات عليه عام 2008.

لكن من الواضح أنّ النقاش سيطول بين الكتل النيابية حول اعتماد النظام النسبي أو الأكثري، وهو نقاش مستمرّ منذ الدورة الأخيرة للانتخابات النيابية عام 2009.

ولم يتأخّر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في التعليق على حركة اللجان النيابية، إذ شدد على أنّ "ما جرى في الانتخابات البلدية أكد الحاجة إلى اعتماد قانون الانتخابات النسبي الذي يؤمن التمثيل الأكثر عدالة للجميع". كما أشار بري خلال لقاء الأربعاء النيابي (اجتماع أسبوعي يضم بري وممثلين عن كل الكتل النيابية)، إلى أنه يدعم اعتماد النسبية ولبنان دائرة واحدة، أو النسبية في الدوائر الكبرى.

من جهته، عبّر عضو كتلة حزب الله، النائب علي فياض، عن الموقف نفسه، إذ اعتبر أنّ "نتائج الانتخابات البلدية أظهرت وجود كتل لا يقلّ حجمها عن 40 أو 50 بالمائة ولا يجوز أن تُهمش، وألا تتمثل في المجلس النيابي، لذلك نحن نعتبر أن الدرس الأكثر قوة ووضوحاً الآن هو أننا بتنا جميعاً في مواجهة الحاجة إلى النسبية الكاملة".

إلى ذلك، وقف تكتل "التغيير والإصلاح" (بزعامة النائب ميشال عون)، بشكل واضح في صف داعمي اعتماد الخيار النسبي بشكل كامل، وهو ما أعاد التأكيد عليه عضو التكتل النائب آلان عون، والذي أكد على أنّ "النسبية هي السبيل الأفضل لتمثيل كل الأقليات سواء كانت طائفية أو سياسية".

في غضون ذلك، لا تزال كل من كتل المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، متمسّكة بالاقتراع الذي ينص على إقرار قانون مختلط مبني على 53 بالمائة، بناءً على النظام الأكثري، و47 بالمائة على النظام النسبي. مع إبقاء الكتل المعنية بهذا الاقتراح أبواب النقاش مفتوحة لإجراء أي تعديل يشمل هذه الصيغة في ظلّ معارضة مطلقة من قبل المستقبليين لاعتماد النسبية الكاملة.

وأكد النائب "المستقبلي" أحمد فتفت، بعد الجلسة، أنّ "النسبية مرفوضة في ظل وجود سلاح غير شرعي على الأراضي اللبناني وفي ظل غياب سيادة الدولة على مناطق وهيمنة على مناطق أخرى"، لافتاً بذلك إلى سلاح حزب الله وهيمنته على بعض المناطق اللبنانية وإقامته مربعات أمنية في بيروت والمناطق.

وتفضي النقاشات الحاصلة في اللجان النيابية إلى أنّ العمل جارٍ على تركيب قانون جديد للانتخابات النيابية، بما يعني ذلك إسقاط معظم القوانين التي تم تقديمها إلى النقاش في البرلمان. وبالتالي فإنّ أي صيغة للقانون الانتخابي غير جاهزة لاعتمادها في اللجان، وإقرارها لاحقاً في الهيئة العامة، على أن تبقي اللجان المشتركة نشاطها خلال الأسابيع المقبلة وربما أكثر لحين التوصّل إلى الصيغة التي تجمع عليها الكتل النيابية.

جدير بالذكر أنّ إجراء الانتخابات البلدية، أسقط بشكل كامل الحجة الأمنية التي تذرّعت بها الكتل السياسية لإقرار التمديد للمجلس النيابي لولاية كاملة (على دفعتين)، عام 2013، وتحرم بذلك اللبنانيين من حقّهم الطبيعي في اختيار ممثليهم. لكن في الوقت نفسه، فإنّ إقرار قانون جديد للانتخاب لن يكون مدخلاً فعلياً لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان، على اعتبار أنّ النقاش بعد إقرار القانون الانتخابي سينتقل حول أولية إجراء الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، على اعتبار أنّ موقع رئاسة الجمهورية لا يزال شاغراً منذ مايو/ أيار 2014. وهو ما يدفع العديد من المراقبين إلى استعادة اللغة السياسية اللبنانية القائلة بوجوب الاتفاق على "سلّة متكاملة" لحلّ الأزمة في لبنان، أي اتفاق يشمل الانتخابات الرئاسية والقانون الانتخابي والانتخابات النيابية وما سيليها من تشكيل للحكومات في وقت لاحق.

 

المساهمون