ماكرون في برلين: إصلاحات الاتحاد الأوروبي معقدة وصعبة ومكلفة

19 ابريل 2018
ضغط فرنسي مقابل تكيف ألماني مع الواقع(ميشال تانتوسي/Getty)
+ الخط -
استقبلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الخميس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في برلين، حيث من المتوقع أن تتمحور المباحثات بين الجانبين حول تصعيد الغرب مع روسيا، إلى الوضع في الشرق الاوسط، وطبعاً الأفكار الخاصة بالإصلاحات المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، والتي طرحها ماكرون العام الماضي، وينتظر عنها إجابات من برلين.


ويأتي اللقاء مع انتهاء الأزمة الحكومية في ألمانيا، وتشكيل المستشارة لحكومة ائتلاف كبير متجدد مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المتحمس للإصلاحات الأوروبية، التي يرتكز الهدف منها، بحسب رئيسة كتلة الحزب في البوندستاغ أندريا ناليس، على تحريك أوروبا إلى الأمام، وهي من الملفات التي نصّ عليها اتفاق التحالف مع ميركل.

ويبدو أن الأمور باتت أكثر صعوبة بين ميركل وماكرون بخصوص أولوية الملفات، إذ يضغط الأخير بما يتعلق بالميزانية ووزارة مالية منطقة اليورو، كما يصر على أهمية التضامن داخل الاتحاد اقتصادياً ونقدياً، وهو ما أكد عليه الثلاثاء الماضي أمام البرلمان الأوروبي في إستراسبورغ لتمويل الاستثمار المشترك وحماية الاتحاد من الصدمات الاقتصادية.

في المقابل، أصبح من الواضح أن لدى ميركل تصوراً يقوم أولاً على التكيف مع الميزانية الخاصة بمنطقة اليورو، وأنه يجب أولاً حلّ مشاكل الميزانية الإجمالية للاتحاد الأوروبي، عدا عن الاختلاف بوجهات النظر حول أولوية الاتحاد المصرفي والتأمين على الودائع. إلى ذلك، تمارس فرنسا ضغوطاً لفرض ضرائب على عمالقة الإنترنت والشركات الرقمية في أوروبا، مع نيتها تقريب الأنظمة الاجتماعية والضريبية من بعضها البعض.

ومن الموضوعات العالقة أوروبياً، أيضاً، سياسة اللجوء واللاجئين، مع مطالبة ماكرون بمواءمة وتسريع عملية اللجوء في أوروبا، مع اقتراحاته بتقديم مساعدات مباشرة للدول التي تستقبل اللاجئين، فضلاً عن التغلب على خلاف نظام الحصص وتوزيع اللاجئين في القارة.

وتعتبر المستشارة، من جهتها، أن التحديات عديدة، وليست فقط مستقبل الاتحاد الاقتصادي والنقدي، رغم تعهد ألمانيا بتعزيز وضع الاتحاد مالياً، مع إلغاء المدفوعات البريطانية بعد خروجها من التكتل، وحيث تقدر الفجوة المالية غير القابلة للتعويض بين 12 مليارا إلى 14 مليار يورو، ما سيدفع إلى اعتماد تخفيضات على عدد من القطاعات.

وتتحدث ميركل عن أهمية العمل على نظام اللجوء الأوروبي المشترك، رغم وجود مقاومة من دول أخرى داخل الاتحاد لهذا المشروع، كما وإرادتها بفرض أمن أكثر فاعلية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، علمأ أن الطرفين الفرنسي والألماني يلتقيان عند مفهوم تبني سياسة خارجية ودفاعية مشتركة من خلال تطوير قوة دفاعية لجعل الاتحاد أكثر فاعلية.

ويمكن القول مما تقدم إن الإصلاحات المنشودة للاتحاد الأوروبي معقدة وصعبة ومكلفة ومتعبة، لأنه على أرض الواقع، ورغم الإرادة الموجودة لدى حكومة ميركل للإصلاح والترويج لأوروبا القوية، هناك القليل من الطاقة والجهد لإيجاد الطرق الناجعة لسلوك التوجهات الإصلاحية.

ويعود السبب في ذلك، إلى غياب التضامن وفقدان الثقة وتضييق النقاش الجدي المثمر بين الفرقاء الأوروبيين، وهو استنتاج يتحدث عنه العديد من الخبراء في الشؤون السياسية والاقتصادية الألمانية وبقناعة كاملة، انطلاقاً من أن أي تغيير ممكن، ستكون كلفته الأكبر على ألمانيا، في ظلّ الأزمات والركود الذي تعيشه الدول الأوروبية، وبينها فرنسا.

ويأتي ذلك رغم سعي ماكرون لفرض إصلاحات وتعزيز الاستثمارات، لأن المعيار يكون بالحديث عن الإنفاق أولاً، بدلاً من التركيز على إعادة تحديث طرق العمل في القطاعات المنتجة ومصادر الدخل، بينها مثلاً إعادة بناء سوق الطاقة، بحيث تجعل الطاقة الشمسية من الجنوب وطاقة الرياح من الشمال، ترشيد الإنفاق على قطاعات أخرى، إلى العمل على تحدي الشركات الرقمية الأميركية وحماية البيئات الأوروبية بشكل أفضل.

المساهمون