مصر تعوم على الخدعة: من البورصات إلى العقارات

02 مارس 2015
الإشاعات تطال حتى المواد الغذائية والمياه (مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
ربما تُعرف الإشاعات بالسلاحِ غير النزيه، ولكنه الأكثر فعاليةً لحسم الجولة الأخيرة بأي ‏منافسة يطول أمدها في مجتمع الأعمال، كما تؤدي الإشاعات إلى ضرب قطاعات اقتصادية كاملة، وطبعاً تطال تداعياتها جيب المواطن. 

سلاح الإشاعات
‎"‎حين تدخل في منافسة شرسة، فكل الوسائل تكون متاحة على الطاولة لحسم ‏المعركة"، وفقاً لخبير إدارة مخاطر الاستثمار أيمن إسماعيل، الذي يشير لـ"العربي الجديد" ‏إلى أن سلاح الإشاعات ترتفع أهميته حين تصل المنافسة إلى طريق مسدود.
ويضيف إسماعيل أن الشائعة تكتسب قوتها من عاملين رئيسيين، الأول أن يكون ‏موضوع الشائعة محط اهتمام الجماهير، أما الثاني فهو افتقار هذا الموضوع للمعلومات ‏اللازمة لتوضيحه وكشف حقيقته‎.‎
إذ كلما تشابكت المصالح وارتفعت وتيرة الأحداث، كلما وجدت الشائعات تربة خصبة ‏لرواجها. ينطبق ذلك الوضع تماماً على البورصة المصرية، التي تشهد تشابك علاقات بين ‏المستثمرين وشركات الوساطة في الأوراق المالية وصناديق استثمار وإدارات الشركات، ‏ما يمنح الشائعة مجالاً أكثر للانتشار، وكذلك التصديق سعياً لتحقيق أرباح من ورائها.‎

إشاعات اقتصادية مدروسة‎
ولعل أبرز وسائل نشر الشائعات في البورصة تتمثل في التنسيق بين إدارات الشركات ‏وفئة مستثمرين لنشر شائعة تستهدف رفع سعر السهم أو خفضه. ويقول العضو المنتدب ‏لشركة القاهرة للوساطة في الأوراق المالية، أحمد أبو حسين، إن "هذه الإشاعات تكبّد صغار ‏المستثمرين خسائر فادحة، حيث تنتشر إشاعة ما عبر المنتديات أو السماسرة عن نية الشركة ‏توزيع أرباح ضخمة، ما يدفع المستثمرين إلى الشراء بقوة، وخلال هذه الفترة يقوم ‏أصحاب الإشاعة ببيع أسهمهم تدريجياً، قبل أن يكتشف بقية المستثمرين زيف هذه ‏المعلومة"‎.‎
ويُكمل أبو حسين، لـ"العربي الجديد"، أنه ينبغي على المستثمر قبل الإقبال على الشراء بقوة ‏لأي سهم، التأكد من المعلومة من خلال مخاطبة الشركة نفسها والتعرف على المركز ‏المالي للشركة لتدقيق درجة صحة المعلومة المتداولة بشأن الشركة.
من جهة أخرى، يقول المحاسب المالي، ماهر سالم، إنه ‎"‎إذا أراد وسطاء تسويق العقارات رفع الأسعار، عليهم فقط الترويج في الصحف وشبكات ‏التواصل الاجتماعي عن ارتفاع الطلب بصورة تفوق الوحدات المعروضة. فبرغم معرفة ‏الجميع بأن هذا غير حقيقي لكن الأسعار ترتفع أيضاً".‎
ويشرح سالم لـ"العربي الجديد"، أن السماسرة نشروا إشاعة في 2010 عن وصول ‏أسعار الشقق إلى 15 ألف جنيه للمتر في كورنيش الاسكندرية رغم أن السعر حينها لم ‏يتجاوز 5 آلاف جنيه للمتر. وبعد أشهر قليلة أتت الإشاعات بثمارها وارتفعت أسعار بيع ‏الشقق إلى 7 آلاف جنيه للمتر‎.‎
وللشائعات أشكالاً أخرى تستهدف المواطنين مباشرة، فعندما يضرب الركود إحدى ‏المنتجات، قد لا يجد صاحبها سوى اختلاق الأكاذيب لإثارة خوف المواطنين حتى تحظى ‏بضاعته برواجٍ. هذا ما حدث بالفعل في فبراير/ شباط ‏‏2006، عندما انتشرت إشاعة تحذر من شُرب مياه نهر النيل بدعوى تلوثها بفيروس ‏أنفلونزا الطيور، وهو ما أصاب المواطنين بالهلع، واضطروا لشراء المياه المعدنية.‎ بعد مرور أكثر من أسبوع، تحركت الحكومة ‏لتكذيب هذا الخبر، وأرجعته إلى رغبة بعض شركات المياه المعدنية في خلق رواج ‏لمنتجاتها‎.
وفي ندوة علمية عن الإشاعات في جامعة المنصورة، حدد أستاذ علم الاجتماع مصطفى ‏إبراهيم، وسائل نقل الشائعات في النكات الساخرة ووسائل الإعلام الرسمية بشرط عدم ‏نسبها إلى مصادر محددة، والرسائل النصية عبر الهاتف، وأخيراً شبكات التواصل ‏الاجتماعي‎.‎ وخلصت الندوة إلى أن أبرز عوامل انتشار الشائعات، هي ارتفاع نسبية الأمية بين ‏السكان إلى أكثر من 50%، فضلاً عن ‏تجاهل الحكومة أو الجهة المختصة توضيح حقيقة الإشاعة. وأوصت الندوة بمحاربة ‏الإشاعات عبر تحري مصداقية مصدرها.

إقرأ أيضاً: شاب يرسم بالرصاص يوميات فلسطين ووجوهها
المساهمون