نبيلة فريدجي: المغرب مقبل على جهوية اقتصادية قوية

06 ابريل 2015
نبيلة فريدجي (العربي الجديد)
+ الخط -
عرضت رئيسة لجنة الدينامية الجهوية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، نبيلة فريدجي، السياسة الجديدة لدعم وتقوية الاستثمار الجهوي بالمملكة، وكشفت المشاريع التي أطلقها الاتحاد لتحقيق التنمية. وقالت في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن الاقتصاد القوي يقوم على الاستثمار في القطاعات المنتجة

وهذا نص المقابلة:

* اعتمد الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أخيراً، سياسة استثمارية جديدة، فهل تعتقدون أن هذه السياسة قادرة على تحقيق التنمية وخلق الثروة؟
التوجه العام الآن للمغرب، هو الدفع بقوة نحو التنمية الموسعة إدارياً، وإعطاء الجهات إمكانيات كبيرة لتدبير إمكانياتها، وتسيير شؤونها على مختلف الأصعدة. والأكيد أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب ارتأى الانخراط في هذه الدينامية، عبر خلق أقطاب اقتصادية قوية، تواكب التوجه الجديد للمغرب.


لا يمكن العمل على هذه السياسة دون إشراك الفاعلين السياسيين، الاقتصاديين، والمجالس المنتخبة، وكافة المؤسسات المحلية التي تعنى بالشأن التنموي. لذلك اخترنا إطلاق برامج ولقاءات مكثفة معها. ونحن نؤكد أن الاقتصاد القوي يقوم على الاستثمار في مختلف القطاعات المنتجة، وكل جهة تمتلك مقومات وخصائص قادرة على الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية في المغرب، وقادرة أيضاً على منح الجهة بنفسها موقع الريادة. وهدفنا مستقبلاً، خلق أقطاب اقتصادية قوية قادرة على منح المغرب تنافسية وطنية، إقليمية، ودولية، من خلال الربط بين حلقات الإنتاج والاستثمار في مختلف الجهات. وهذا الخيار لا يمكن تحقيقه دون وجود جهات تستجيب لحاجيات التنمية الملحة لسكانها ومحيطها الاقتصادي.

* انطلاقاً ممّا ذكرتم، ما هي ورش العمل التي قمتم بها بهذا الصدد؟
عملنا مع كل جهة متخصصة بالشأن التنموي بشكل فردي، انطلاقاً من خصوصياتها وإمكانياتها المتاحة. ووضعنا خارطة طريق، يمكن من خلالها رصد المشاريع المحلية التي تحتاجها كل منطقة، وكذلك المشاريع ذات الطابع الوطني، التي يمكن أن تستقبلها.

ومن خلال خارطة الطريق هذه، رصدنا وجود مشاكل على مستوى القنوات الإدارية لإنشاء المشاريع. ولأجل ذلك شكلنا لجاناً مع القطاع العام، مهمتها إنعاش مناخ الأعمال. وأعطي المثال على ما ذكرته، باللقاء الذي جمعنا مع رجال الأعمال بمدينة الداخلة، حيث قدموا مجموعة من الملاحظات، أبرزها التباطؤ في الحصول على التراخيص، وتعدد الجهات الإدارية التي يقصدونها من أجل ذلك. وبدأت اللجان بدراسة هذه المشكلات وتحليلها، فمهمة هذه اللجان تقديم المساعدة من خلال الدفع في اتجاه تبسيط المعاملات الإدارية، وذلك بشراكة مع السلطات المحلية داخل كل جهة ومدينة.

* أعلنتم منذ أكثر من أسبوع داخل المنتدى للاستثمار في الجنوب عن سياسة الاتحاد الجديدة. ما هي أهم الاستثمارات التي ربحتها المنطقة؟ وهل سيشمل هذا النموذج باقي المناطق المغربية، أم سيشمل مناطق معينة؟

قبل انطلاق أعمال المنتدى، استطعنا إقناع مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين باستثمار 4.2 مليارات درهم (قرابة 423.730 مليون دولار). لكن عشية انعقاد المنتدى، وبفضل المجهود المضاعف لمختلف الفاعلين، قفز الرقم إلى 6 مليارات درهم (قرابة 605.328 ملايين دولار). وستمكّن هذه المشاريع، التي بدأ العمل لإنجازها، من خلق أكثر من 10 آلاف فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى آلاف فرص العمل غير المباشرة.

وتمكن المنتدى، الذي يشرف عليه الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بدعم من وزارة الداخلية، والسلطات المحلية والمنتخبين، من استقطاب 300 فاعل اقتصادي، يضمون كبريات الشركات والمؤسسات المغربية العاملة في مختلف القطاعات.

وهنا أريد الإشارة إلى أن ما أعلن عنه خلال المنتدى، جاء بعد عام من انعقاد المجلس الإداري للاتحاد بمدينة العيون المغربية، وهذه المبادرة المنظمة والممولة من قبل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تعد التزاماً، وإرادة قوية للعمل من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية المنسجمة والمستدامة لأقاليمنا الجنوبية، وغايتها خلق فرص العمل والثروة لسكان هذه الأقاليم.

وقد سمحت هذه المبادرة بتحديد حوالي 60 مشروعاً في مختلف القطاعات، من بينها الصناعات الغذائية، البناء والأشغال العمومية، الصناعة، الخدمات، الصيد البحري، الصحة، قطاع الطاقات المتجددة، صناعة النسيج، تدوير المخلّفات والنفايات الصناعية، النقل والعقار. وأود القول في هذا الصدد، إن مسيرة الاستثمار انطلقت من الأقاليم الجنوبية، ونحن نسعى إلى توسيع العمل داخل جميع الأقاليم، عبر إعداد خطة وبرامج سوف يعلن عنها قريباً.

* ما هي برامجكم بالنسبة للجهات الأخرى التي تُعنى بالتنمية الشاملة في المغرب؟
نحن موجودون اليوم، كاتحاد عام لمقاولات المغرب، في عشر مناطق، ومستقبلاً سوف نحاول إيجاد فروع داخل 12 منطقة، بناءً على مساحتها الجغرافية الجديدة. ولن نركز على المناطق التي توجد فيها مدن مركزية، بل سوف نقترب أكثر من المدن النائية والصغيرة. ففي المناطق الشرقية، سوف نعمل مستقبلاً على دعمها، عبر تعزيز إنشاء المقاولات والاستثمارات، كونها تعود بالفائدة على المجتمع. وكما هو معروف المنطقة الشرقية تمتلك مقومات قوية في مجال الزراعة، وتتوفر فيها موارد بشرية قوية، لذا يجب التركيز والعمل على دعم هذه المناطق.

* يُرفع دائماً شعار عريض مفاده الشراكة بين المؤسسات الكبرى من جهة، والموسسات المتوسطة والصغيرة من جهة أخرى. وهذا الشعار حاضر في سياستكم الجديدة، فكيف ستكون هذه الشراكة؟
أحدثنا لجنة داخل الاتحاد العام لمقاولات المغرب وهي "لجنة الشراكة بين المقاولات الكبرى والمقاولات المتوسطة والصغيرة"، مهمتها الاعتناء بالتقريب بين المشاريع الصغيرة والكبيرة، والاستفادة من ولوج الأسواق، لأن المشاريع الصغيرة لا تستطيع بإمكانياتها اقتحام الأسواق، ولا تمتلك الأرضية الصلبة لمقاومة تقلّبات الأسواق. وهدفنا تمكينها من كل هذا، عبر المرافقة وجعلها مقاولة قادرة على المنافسة.


الشيء الثاني، هو العمل على نقل المقاولة الصغيرة جداً إلى مستوى أعلى، مع الأخذ بالاعتبار أن هذا العمل يتطلّب مجهوداً كبيراً، بل هو الأساس، لأن هرم النسيج الاقتصادي المغربي يتكوّن في قاعدته من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل إنها تشكل ما يقارب 96% من عدد المقاولات المغربية.

الغاية ليست في إنشاء مؤسسات فقط، ورؤيتها تموت مع المستقبل دون تدخل، بل ضمان حصولها على الصفقات، واستمرارها. والأهم مرورها من موقع إلى موقع آخر، عبر تنمية رأس مالها، وتوسع قاعدة مستخدميها، واستفادتها من المشاريع التي يطلقها القطاع العام، وكذلك المشاريع التي تحتاج فيها المقاولات الكبيرة إلى مَن ينفذها، أو يتابعها، عبر آلية التفويض. وكل هذا يوفر للمؤسسة المتوسطة والصغيرة، إمكانية تحقيق الأرباح، وتوظيف المزيد من رأس المال في الأسواق.

* المغرب، اليوم، أمام تحدٍ كبير يتمثل في انفتاحه على الصناعات العالمية، هل تتضمن برامجكم هذا الانفتاح؟
نعم، وكمثال على ذلك، الشراكة التي وقعتها خلال المنتدى مع مجموعة "إنجاز المغرب"، وكذلك مشاريع الطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية التي تتطلّب وحدات صناعية كبيرة، بل سوف تتوفر في الجهات مستقبلاً معامل قادرة تنتج حاجياتها وحاجيات المنطقة دون اللجوء للاستيراد.

بالإضافة إلى ذلك، تضم السياسة الجديدة تكوين الشباب في مجالات مهنية تواكب التغيّرات العالمية، وتغيّر من نظرتهم تجاه البحث عن فرص العمل، لأن طرق تدبير الاستثمار العالمية تغيرت، وتغيرت معها شروط الحصول على العمل. من جهة أخرى، من يتكلم عن العالمية يتحدث عن التكنولوجيا كذلك، واليوم نعمل على دمجها في المقاولات.


وقد قمنا أخيراً باحتضان الشباب العاملين في مجالات استثمارية عبر الإنترنت، حيث لديهم مقاولات ناشئة ترتكز على التكنولوجيا، وهذا شيء جديد على المغرب. ولأول مرة سوف أعلن عن هذا الأمر، فهناك مؤسسات تعنى بالتكنولوجيا، استطاعت اليوم اقتحام الأسواق الأميركية، وهذا أول استثمار أفريقي عربي يجتاز العديد من المراحل لتحقيق ذلك.

* من خلال علاقتك المباشرة بالمستثمرين المحليين، ما هي أهم القطاعات التي يعبّر المغاربة عن حاجتهم إليها من أجل تحقيق التنمية؟
نقوم دوماً بإعداد الدراسات في العديد من المناطق، ونعرضها على المستثمرين قبل الشروع في مناقشة المشاريع الاستثمارية التي يجب طرحها داخل كل جهة. ولا شك أننا نلجأ إلى دراسات قامت بها مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، وذلك بغية مقارنتها مع التحولات التي طرأت. فعلى سبيل المثال، تتوافر في منطقة الجنوب المعروفة بالصيد البحري إمكانيات هائلة في الطاقات المتجددة بفضل مناخها وموقعها الجغرافي. بالنسبة للمناطق الشمالية، فلها إمكانيات هائلة في البنى التحتية الموجهة للقطاعات الصناعية.

* تتحدثون عن البنى التحيتة، فهل ما هو متوفر يساعد على تنمية الجهات اقتصادياً وتحقيق التنمية لسكانها؟
لا شك أننا نحتاج إلى تحسين البنية التحتية، وتحسين جودة الربط بين الطرقات الداخلية والدولية، بالإضافة إلى إمكانية تسهيل الوصول إلى الموانئ من أجل التصدير. ونحن نؤكد أن هناك مناطق تحتاج إلى تقوية شبكات الربط بالكهرباء أو الصرف الصحي. والمدخل لكل هذا، هو أن سياسة تنمية المناطق النائية والبعيدة اقتصادياً يتم بدعم من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، التي تشرف على هذه المشاريع المحلية على مستوى البنيات التحتية.

آليات العمل بين القطاعين العام والخاص
قالت رئيسة لجنة الدينامية الجهوية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، نبيلة فريدجي، إن توفير فرص العمل ليس مهمة قطاع دون آخر، فالظروف الاقتصادية العالمية تفرض التعاون بين القطاعين الخاص والعام، للدفع بعجل النمو الاقتصادي، وخلق المشاريع المنتجة للثروة والقيمة المضافة العالية، لأنها القاطرة الوحيدة لخفض معدلات البطالة في صفوف الشباب. وأضافت فريدجي: "أن تحديات سوق العمل كبيرة في المغرب، خاصة مع استحضار الهوّة الشاسعة بين عدد الخرجين من الجامعات والمعاهد وعدد فرص العمل المتاحة سنوياً في القطاعين الخاص والعام". وشددت على أن قضية تفعيل أطر العمل بين القطاعين، يجب أن تنطلق من الدولة، حيث تعمل على تقليص الهوة بين القطاعين، وتوفير مناخ استثماري قوي يساعد على إنشاء ونجاح الاستثمارات، لأنها عامل جذب مهم لليد العاملة المغربية. وعن دور اللجنة التي ترأسها في تحقيق التنمية ودعم توفير فرص العمل، أوضحت نبيلة فريدجي أن اللجنة تعمل وفق مقاربة سوسيو/ اقتصادية لفائدة التنمية، وتوفر التجانس والفعالية اللازمين لدعم وضعية التقارب مع القطاع الخاص لتحقيق التوازن الاقتصادي، وتدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تنمية مستدامة.

تعريف
سيدة الأعمال المغربية، نبيلة فريدجي، بدأت مسارها المهني في مجالات تحويل الأموال، والاتصالات، والتسويق. وعملت قبل ولوجها عالم المال، كإعلامية في القناة الثانية المغربية. تترأس لجنة الدينامية الجهوية في الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وهي عضو في لجان المنتدى الاقتصادي العالمي.

إقرأ أيضا: "أُم مي" سائقة تاكسي تتحدّى العادات في مصر

المساهمون