هجرة الودائع من ليبيا... والتلاعب يقحط الدولار

11 يوليو 2016
أزمة نقدية في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
كشف رئيس جمعية المصارف الليبية، عبد الفتاح غفار، بأن رؤوس الأموال تهاجر ليبيا بسبب غياب الاستقرار الأمني في البلاد. وشرح أن بعض المتمولين يحصلون على العملة الصعبة بطرق مختلفة، وأن رجال أعمال قاموا بتهريب أموالهم من القطاع المصرفي إلى خارج البلاد، عبر الاعتمادات المستندية، وكذلك عبر التحويلات المصرفية، مما زاد من عمليات تهريب العملة الصعبة خارج ليبيا، ووسع نطاق السوق الموازية للعملة.
وأوضح غفار، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن هناك مجموعة طرق لتهريب العملة الأجنبية خارج حدود الوطن، وعلى رأسها الاعتمادات المستندية، التي فتحت لتوريد الغذاء والدواء، ولكن جلها كان لتهريب الأموال خارج البلاد. بالإضافة إلى عمليات الشحن الإلكتروني للبطاقات المصرفية الإلكترونية. وقال إن هناك مواطناً قام بتحويل 1.4 مليون دولار عبر البطاقة الإلكترونية لمرات متتالية.

وبيّن أن أزمة السيولة، التي تمر بها ليبيا حالياً، أحد أسبابها تراجع الاحتياطيات من النقد الأجنبي، مرجحاً أن يكون ارتفاع حجم عمليات تهريب العملة في القطاع المصرفي نتيجة عدم وجود قيود في الفترات السابقة، ولا رقابة فاعلة.

بدوره، أشار نائب مدير مصرف الصحاري، عمر سعود، إلى أن معظم الحسابات المصرفية، التي هاجرت المصارف الليبية، هي بغالبيتها لرجال الأعمال وبعض المواطنين. وأنها انتقلت إلى تونس ومالطا وتركيا ومصر وكذلك إلى دبي، بعدما فقد هؤلاء ثقتهم بالجهاز المصرفي الليبي.
وحول سؤال "العربي الجديد" بشأن وجود إحصائيات حول عملية هروب الحسابات المصرفية، قال مصدر من إدارة التحويلات في مصرف التجارة والتنمية: "لا توجد إحصائيات دقيقة بشأن هجرة الأموال من المصارف التجارية، لأن الأرقام تتزايد كل يوم، والمصارف لا تقدم خدمات للمواطنين حالياً، باستثناء ضخ السيولة إذا توفرت لديها، في السوق المحلية".
وبيّن المصدر أن الأموال يمكن أن ترجع إلى المصارف في حال رجوع الوضع الاقتصادي إلى طبيعته، وعودة الشركات الأجنبية للعمل في ليبيا، واصفاً الوضع الحالي بـ "الحرج جداً"، موضحاً أن كبار المودعين من أصحاب الحسابات الأجنبية والمحلية يغادرون المصرف ولا يوجد به حالياً إلا قلة متبقية.

كذلك، أكد نائب رئيس الجمعية العمومية لمجلس أصحاب الأعمال، جمال الوحيشي، لـ "العربي الجديد"، أن هناك حسابات مصرفية غادرت البلاد نتيجة الأزمة الأمنية، التي تمر بها ليبيا، فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي. وأن معظم رجال الأعمال لديهم وكالات تجارية يحتاجون إلى العملة الصعبة غير الموجودة في المصارف المحلية، في حين وضع مصدر في المجلس اللوم على تهاون القطاع المصرفي الليبي في إعطاء الاعتمادات المستندية لسماسرة الحروب، مما تسبب في تهريب العملة الأجنبية خارج حدود الوطن.

وكان رئيس مجلس أصحاب الأعمال الليبيين السابق، عبد الناصر بن نافع، قد أكد في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد ": "إن رجال أعمال ليبيين يقومون بتحويل مئات ملايين الدينارات لأوروبا، بسبب حالة الفوضى". وأوضح أن المبالغ التي حوّلها رجال أعمال إلى خارج ليبيا مرتفعة القيمة، وقال إن مسؤولاً بأحد المصارف الأوروبية أبلغه بأن هناك حوالات لرجال أعمال ليبيين تصل إلى 270 مليون دولار، رغم أن البنك المركزي الليبي أوقف الحوالات المالية للخارج باستثناء الاعتمادات المستندية.
وبلغت الاعتمادات المستندية والحوالات الخارجية، التي نفذتها المصارف التجارية خلال عامي 2014 و2015، نحو 41 مليار دولار وفقاً لتقارير ديوان المحاسبة. وأكد ديوان المحاسبة عبر تقريره السنوي أنه تم اكتشاف تلاعب في هذه التحويلات إلا أنهُ لم يتم اتخاذ إجراءات عملية من قبل الإدارة.

وأوضح أنه يوجد فقدان فعلي لأية رقابة من قبل الإدارة النقدية على العمليات الإلكترونية بالمصارف خصوصاً في ما يتعلق بالبطاقات الإلكترونية وتغذيتها بالرصيد الأجنبي، مشيراً إلى أن هناك عينة في المصرف التجاري الوطني في العام 2014 تؤكد التلاعب بعمليات الفيزا، وأن هناك بطاقة شحنت 95 مرة ولكل مرة خمسة آلاف دولار. كما أن هناك شحناً للبطاقات بنحو 15 ألف مرة، وإجراء عمليات مالية مخالفة بقيمة 1.135 مليون دينار من نفس الحساب المصرفي.

المساهمون