عصر المترجم

17 يوليو 2015
من مخطوطات تريستان كوربيير (1860)
+ الخط -

منذ عقود، ترسّخ أن عدم مواكبة النقد للحركة الشعرية قد أعاق تطوّر الشعراء. وهذا حديث يردّده، بلا مراجعة وفي نغمة عتاب، شعراءٌ كتبرير ونقادٌ كإعلان حضور بأي ثمن.

كل ذلك ضمن شبكة علاقات لم يعد ممكناً فصل انعكاسها في مرآة الصحافة والندوات والجوائز، عن حقيقة ما يدور في الحياة الثقافية العربية.

تقاطع المصالح هذا بين الشاعر والناقد - والذي تباركه المؤسسات والسلطات عموماً- ضخّم ذريعة "الإعاقة الشعرية" فاستهلكها الجمهور، ثم نفر منها، ولكنها لا زالت بصدد التداول مثل عملة ممسوحة، يجد الجميع أنفسهم مجبرين على التعامل بها لعدم توفّر غيرها.

جمهور الشعر بطبيعته متجدّد، تفرزه الحياة ضمن سياقاتها، ولكنه يتربّى عموماً على النمطية والاختزالات. ربما يكون قد تضرّر من غياب غربال الناقد، ولكنه انفتح عفوياً على قراءات متشعّبة يكتشفها مثل ذرات متناثرة في فضاء الإنترنت والعلاقات والتجارب واللغات الأخرى.

في هذا الوضع، ثمة حلقة يؤمنها المترجم، مترجم الشعر إلى العربية. إنه يمتطي صهوة لغة أخرى ينتبه جيداً لصوت هذا أو ذاك في اللغة الأصلية ليبدأ في "التمرين اللذيذ" (ترجمة الشعر).

على هذا المترجم أن ينتبه، فهو يقوم أيضاً ببرمجة أذواق كثيرين لا حاجز بينه وبينهم يدعى "النقّاد". إنه الناقد في عيونهم.

المساهمون