"فريد بلكاهية": كتاب جديد عن سيرته وفنه

06 مايو 2020
(بلكاهية في محترفه بمراكش 2010)
+ الخط -

ترك الفنان المغربي فريد بلكاهية (1934-2014)، والذي يعتبر أحد أهم رواد الفن الحديث في المغرب، بصمة مؤثرة في تاريخ التجربة التشكيلية، لا سيما أن مشروعه البصري تشكّل وبرز في فترة ما بعد استقلال البلاد عام 1956، وما نتج عن ذلك من تجارب تفتش في الجذور البصرية للبلاد، أمازيغية وعربية وأفريقية، مستفيدة من الفن الأوربي دون أن تكون منساقة لتقليده أو الاستناد إليه.

تجربة وحياة الفنان صدرت مؤخراً في كتاب باللغة الفرنسية تحت عنوان "فريد بلكاهية" عن منشورات "المركز الثقافي للكتاب" في الدار البيضاء، للباحثة نغم حديفة، أستاذة تاريخ الفن في جامعة "باريس 1".

الكتاب يتناول ليس فقط تجربة بلكاهية الحياتية الشخصية، والتي لا يمكن أن نفصلها بأي حال عن الفن في المغرب، لكنه يسلط الضوء على عمله ودوره وتأثيره، فهو بحسب الكاتبة تفرّد عن مجايليه وأسس لنفسه أسلوباً ونمطاً فنياً اعتمد فيه على التراث الشعبي والمخيال المغاربي والألوان الصحراوية، والرموز والنقوش التاريخية في المجتمع المغربي.

كان بلكاهية قد غادر المغرب إلى الدراسة في فرنسا عام 1955، وهناك وبالتنسيق مع والده الذي كان لديه جانب فني هو الآخر وعلاقات في فرنسا، استقبله الكاتب فرانسوا مورياك وعثر له على سكن مناسب، وبدأ دراسته في "مدرسة الفنون الجميلة"، وفي باريس التقى بـ الجيلالي الغرباوي، وبين الفنانين ستتكون الصداقة التي جمعتهما كما جمعهما الفن.

أنهى بلكاهية الشاب دراسته في باريس وسافر إلى براغ، وهنا بدأت مرحلة أخرى مهمة في حياته، حيث ظل في المدينة التشيكية من 1959 وحتى 1962، ودرس التصوير السينمائي في أكاديمية المسرح، وعلى الرغم من أنه التقى ببعض من أهم رموز الدوائر الشيوعية من الفنانين والكتّاب مثل لويس أراغون وإلسا تريوليت وبابلو نيرودا، إلا أنه لم يصبح شيوعياً، بل ظل محتفظاً بموقف المراقب من بعيد دون أن يعني ذلك أنه لم يصارع العالم المعاصر واضطراباته السياسية، ولكنه كان رافضاً لفكرة الأسر الأيديولوجي، وفق شهادة كتبتها سابقاً القيمة فاطمة الزهراء لقريصا.

خلال تلك السنوات في براغ، أنتج بلكاهية مجموعة من الأعمال التي تعبر عن مواقفه السياسية، فقدم أعمالاً عن الثورة الجزائرية ولفت إلى أوضاع الأسرى فيها، ومن أشهرها لوحة "التعذيب"، كما رسم في خضم الحرب الباردة ليعبر عن دعمه لقضية كوبا الثورية من خلال لوحته "كوبا Si".

عاد بلكاهية إلى المغرب عام 1962 وظهر إصراره على تقديم تعريف للحداثة المغربية من خلال انفصاله عن لوحة الحامل ووسط الرسم الزيتي، مفضلاً المواد التقليدية مثل النحاس وجلد الكبش وأصباغ الحناء.

كان هذا الفن بمثابة احتفاء بماضي المغرب متعدد الثقافات ما قبل الاستعمار، من خلال استخدام العديد من الرموز الأمازيغية والثقافة المادية الأفريقية (إشارات تيفيناغ وأنماط السجاد الأمازيغي والوشم)، حيث سلطت أعماله الضوء على الفنون الشعبية والتقليدية التي ظلت وفية لماضيها التاريخي والروحي.

دلالات
المساهمون