غزو بلا ثقافة

14 أكتوبر 2015
(مايك كيمب وبي إي سانشيز)
+ الخط -

تربّى أبناء جيلي في أحضان الشعارات الفضفاضة عن القائد والشعب والثورة والوطن والأمة، هذه الشعارات التي احتكرت النقاشات العامة لسنوات طويلة.

وقد يكون مفيداً لذاكرتنا الجماعية اليوم لو اقتفينا أثر بعض تلك الشعارات لمعرفة مصيرها، وهل ما زالت تحتفظ ببريقها الأول؟ أم شاخت وماتت دون أن يلتف إليها أحد؟

لا شك في أن كثيرين منا لا يزال يذكر شعار "الغزو الثقافي". كانت استعارة مستخرجة من القاموس الحربي، وكان هذا الشعار متداولاً بكثرة ومُحبّب الاستخدام من أطراف متناحرة في ما بينها من إسلاميين وليبراليين ويساريين وقوميين وغيرهم.

كان "الغزو الثقافي" حاضراً كلّما طُرِق موضوع علاقة الذات بالآخر وخطر الخارج على الداخل. لم يكن الخلاف بين المستعملين المتخاصمين حول حقيقة الغزو، هل كان حقيقة أم افتراء، إنما كان يقتصر في تحديد مصدر الخطر والجهة المعتدية.

وكأن هذا الشعار اختفى اليوم أو صار استعماله نادراً. يبدو أن السبب المباشر هو أن الغزو الحقيقي قد وقع فعلاً في العراق وليبيا وسورية، وقد يمتد إلى مناطق عربية أخرى.

وهل بقي مجال للاستعارة والخيال، بعدما اكتمل مشهد الغزو الحربي من طائرات وصواريخ وقذائف؟

لقد تحقّقت المخاوف والتحذيرات القديمة حول الغزو، ولكننا الآن نعيش غزواً بلا ثقافة، بل جاءت الغزوات المتتالية لتقضي على ما تبقى من معمار وآثار ومكتبات ومرافق ثقافية.


اقرأ أيضاً: خفّة الذاكرة

المساهمون