تذكّري يا ماريا

21 سبتمبر 2016
(الشاعرة)
+ الخط -

ميناء محطّم

لو تعلم أن خارج البيت،
-مربوطاً بحافة الميناء المحطم-
هناك نهر محترق
كالأرصفة.

وحينما يلمس الأرض
فهو كصحراء على وشك الانهيار
يجذب العشبة المحترقة
لتتسلَّق الجدران،
حتّى لو صدّقت
أنَّ الجدار مضطرب من النباتات المتسلّقة
فتلك معجزة البلل
وليس رماد المياه.

لو تعلم
أن النهر ليس من ماء
ولا يحضر سفناً
ولا أخشاباً
فقط طحالب صغيرة
تنمو في صدور
رجال نائمين.

لو تعلم أن هذا النهر يجري
وأنّه مثلنا
أو ككلّ الأشياء التي عليها أن تغرق في الأرض
عاجلاً أم آجلاً.

أنت لا تعرف
لكنني رأيته يوماً ما
كان جزءا من الأشياء
التي تبدو أنها باقية
حينما ترحل.


بكاء

ماريّا،
أتحدَّث عن الجبال التي تنمو بها الحياة ببطء
جبال لا توجد في ميناء النور،
حيث كل شيء صحراء ورماد
وابتسامتك فقدت رونقها.

يناير يقف هناك، هو شهر أموات لم يدفنوا
والأرض هي الجثّة الأولى.
ماريّا،
أتذكرين؟
ألا ترين شيئاً؟
أصواتنا هناك جفّت مع جلدنا
واحترقت كُعوبنا
لأننا لا نريد أن نعرف شيئاً
عن البيوت المشتعلة.

أتحدّث يا ماريّا
عن هذه الأرض التي هي عطشٌ أعيشه
وعن القاع الذي دفنت فيه الحياة.

فكّري يا فتاة،
أن ما نعيشه ليس حياة
وأن الحياة هي أمر مختلف تماماً عما هو موجود
مبتلة في الموانئ التي تزهر بالمياه،
ولا تشتعل أحجارها.

تذكري يا ماريا،
أننا
كلأُ الكلاب والحمام،
بشرٌ محترقون،
قشور فارغة
ما كنّا عليه سابقاً.
ممّ خُلقت؟ يا طفلتي،
لماذا تعتقدين أن باستطاعتك خياطة شقوق المشهد
بأوتار صوتك،
في حين أن هذه الأرض هي جرح نازف
فيك وفيَّ
وفي كلِّ الأشياء
المصنوعة من الرماد.
في أرضنا،
الغربان تنظر بعيونك
والأزهار تذبل
لأنها تكرهنا
وتفتح الأرض ثقوباً
لتجبرنا على الموت.


* ANDREA COTE BOTERO شاعرة كولومبية من مواليد بارانكابيرميخا (1981). نشرت عام 2002 مجموعتها الشعرية الأولى "ميناء كالسيناذو" ونشرت بعده مجموعتي "باريلا البيضاء" و"كتابة العزلة"، والسيرة الذاتية "مصوّرة العري".

** ترجمة عن الإسبانية: غدير أبو سنينة وتُنشر بالتعاون مع "إلكترون حر".

المساهمون