تكاد الأعمال المنشورة الثلاثة للكاتبة المغربية الفرنكفونية ليلى سليماني (1981) تشبه درجات في سلم. فعملها الأول "في حديقة الغول" (2014) كان فاتحة الدخول إلى المشهد الأدبي الفرنسي الذي استقبلها بحفاوة. رواية "أغنية رقيقة" (2016) كانت أكثر حظاً، فقد نالت أشهر الجوائز الأدبية في فرنسا "الغونكور"، ومن ثمّ حققت أرقام مبيعات كبيرة.
مؤخراً، ومع تواصل هذا المناخ الاحتفائي، جرى إطلاق كتابها الثالث "الشيطان في التفاصيل" (منشورات لوب). هذه المرة جمعت الكاتبة المغربية مقالات صحافية، عددها ستة في 64 صفحة لا غير. لكن ما يلفت أكثر في الكتاب الجديد هو أن ناشرها قرّر أن تظهر صورة سليماني الشخصية في الغلاف، ما يشير إلى أن مركز الثقل في الترويج للكتاب سيكون اسم كاتبته (وصورتها).
هكذا تتحوّل سليماني بسرعة إلى "نجمة" أدبية في الساحة الفرنسية. وهي نجومية يمكن أن نقيسها أيضاً بكثافة الحضور في الصحافة الثقافية. مثلاً، في استفتاء في بداية السنة في راديو "آر تي أل" صُنّفت "الأكثر مقروئية" في فرنسا سنة 2016.
تظهر سليماني أيضاً في الصفحات الأولى من الجرائد اليومية، كما الحال مع صحيفة "لوفيغارو" في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، أو في عدد هذ الشهر أيضاً من المجلة الأدبية الأشهر في فرنسا "لو ماغازين ليترار" التي خصّصت لها ستّ صفحات تتضمّن حواراً مطوّلاً وقراءة سريعة لروايتيها السابقتين، وكادرا عن محطات حياتها.
لا يفوت المُحاور (ألكسي بروكا) التنويه بكون سليماني تحوّلت إلى "وجه صاعد في الأدب الفرنسي بروايتين فحسب"، ومن ثمّ يطرح أسئلة تحاول إعادة تركيب فسيفساء سيرتها، و"عوالمها الروائية" وبنية شخصياتها، قبل أن يشتبك في قضايا العمل الجديد (الرد على كتّاب رأي آخرين مثل كمال داود أو ميشال ويلبيك، او الحديث عن انتقادها لارتفاع نسبة التديّن في المجتمع الفرنسي، والإسلاموفوبيا وغيرها من المواضيع المتوقعة).
كما تكشف سليماني بالمناسبة أن عملها القادم لن يكون هو الآخر روائياً، ولا تجميعاً لمقالات، وإنما ضمن نمط "المحاولة" (تقليد فرنسي يقع بين الرأي والبحث العلمي) حول الجنسانية في المغرب العربي.
كل هذه العناصر تشير إلى خطوات سليماني المسرعة في سلّم الأضواء. وكونها لا تستند بعد إلى تراكم في المؤلفات (وهو ما تحاوله اليوم على ما يبدو)، لا يمكن أن يقُرأ - كما يفعل الفرنسيون - حجةً لصالح موهبتها، بل قد يفتح على تأويلات أخرى.
في المحصّلة، تتحوّل ليلى سليماني إلى "ظاهرة" (بمعنى أقرب إلى كلمة الظهور العربية منه إلى كلمة الفينومين الأوروبية). ظاهرة تذكّرنا بانتقال حصل في تسعينيات القرن الماضي مع فناني البوت آرت، حين تجاوزت فنانات مراهقات مثل كريستينا أغيليرا وبرتني سبيرز -ببضع أغنيات- نجومية فنانين يحملون وراءهم عقوداً من التراكم الفني.
يبقى السؤال مفتوحاً على ما ستنجزه سليماني مستقبلاً، لنعرف هل أن هذه السرعة في التقدّم ناتجة عن تحرّك ذاتي أم عن تحريك؟ هل تفسّرها الموهبة الأدبية أم الصناعة الفرنسية؟