استمع إلى الملخص
- يركز ديفيد هيرد في شعره على الصداقة والحركة والسياسة، مستلهماً من تجربته مع طالبي اللجوء، ويشجع على بناء محيط مرحب، موصياً ببدء القراءة بكتابه "أغنية المشي".
- يواجه هيرد السياسات العدائية في المملكة المتحدة، ويسعى لتغييرها نحو سياسات إنسانية، مع تعزيز حقوق الإنسان ومواجهة الشعبوية.
تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع القارئ العربي. "من خلال الممارسات العنصرية، سمحت المملكة المتّحدة بظهور قسوة تُلحق ضرراً بالغاً بالثقافة ككلّ"، يقول الشاعر والكاتب البريطاني ديفيد هيرد لـ"العربي الجديد".
■ كيف تقدّم المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟
- يتّسم المشهد الشعري في بريطانيا بالحيوية في الوقت الحالي. لقد أضْفَت بعض دور النشر، التي تأسّست مؤخّراً، مثل "بامينار" و"بريس 87"، حِسّاً أُمميّاً جديداً على الكتابة المعاصرة؛ كما تستمرّ دُور النشر العريقة، مثل "شيرزمان" و"كاركانيت" و"غرانتا" و"بلاكبوكس مانيفولد"، بتوفير مساحة للعمل الإبداعي والمُبتكِر شكلياً وسياسياً. إنّنا في المملكة المتّحدة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى خيالات جديدة. والشعر المعاصر يُسهم في هذا العمل الحاسم.
■ كيف تقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟
- أنا شاعر غنائي تتناول أعماله، من بين موضوعات أُخرى، الصداقة والحركة والمناظر الطبيعية والسياسة. خلال عملي لسنوات عديدة مع طالبي وطالبات اللجوء في المملكة المتّحدة، لاحظتُ العواقب الإنسانية لما يُدعى "البيئة المعادية". يهدف شِعري إلى إعادة تصوُّر العلاقات بين الناس والمناظر الطبيعية واللغة، والإفصاح عن محيط مبنيّ على الترحيب. الكتاب الذي أنصح القارئ الجديد أن يبدأ به هو "أغنية المشي".
■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟
- لسنوات عديدة، حاولت كناشط وكاتب مقالات، أن أساعد على مواجهة الثقافة التي يصنعها السياسيون في المملكة المتّحدة عبر نظام الحدود الإقصائي - الذي من بين أفظع عناصره الاحتجاز لأجل غير مسمّى. من خلال هذه الممارسات العنصرية، سمحت المملكة المتّحدة بظهور قسوة تُلحق ضرراً بالغاً بمن يتعرّضون لها، بل تُلحق ضرراً بالغاً بالثقافة ككلّ. السؤال الذي يشغلني هذه الأيام هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستُغيّر اتجاهها.
يهدف شِعري إلى التعبير عن أشكال الصداقة والتضامن
■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟
- مع تزايد عدائية السياسة في المملكة المتّحدة، قامت مجموعات من الناس العاديّين الذين لا يملكون سوى القليل من الموارد أو لا يملكون أي موارد على الإطلاق بإنشاء شبكات التضامن. من خلال هذا النوع من الأعمال المدنية المستدامة يمكن تغيير السرديات. أمّا ما أودّ تغييره، فالقائمة طويلة! يوجد في المملكة المتّحدة رفضٌ رسمي لسماع أسباب سعي الأشخاص المُستضعفين إلى الانتقال. إذا أُنهي هذا الرفض، فسوف يتغيّر الكثير.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- آه، هذا سؤال كبير. لقد وقعتً في حبّ الشِعر في سنّ مبكرة، على أيدي شعراء أُقدّرهم بشدّة؛ ولطالما بدا لي الشِعر بمثابة مساحة يمكن من خلالها تخيُّل إمكانيات جديدة. لو قُيّض لي البدء من جديد، أظنّ أنّني كنت سأتّجه أكثر نحو النثر. أنا الآن أكتب عملاً نثرياً حول كيفية تسليحنا للبحرـ وكيف ينبغي علينا إعادة تخيُّل علاقتنا به. لكنّني وجدت الشعر في وقت مبكر. إنّه الدرب الذي أمشي فيه.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- هذا سؤال أكبر بكثير بالطبع. في كتابي "الكتابة ضد الطرد"، دعَوتُ إلى إعادة النظر في اللحظة التي أُسِّست فيها لغة حقوق الإنسان. تناول الكتاب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكنّه تحدّث أيضاً عن معاصرين مثل فانون وآرندت والشاعر تشارلز أولسون. إنّنا ننسى أو نُنكر الدوافع الكامنة وراء تأسيس حقوق الإنسان، وذلك يعرِّضنا للخطر. علينا أن نطالب باستمرار بالالتزام النشيط بحقوق الإنسان.
التحدّي الأخطر الذي يواجه الكتابة اليوم هو الشعبوية
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- إميلي ديكنسون، حتى أسألها كيف كتبت تلك القصائد الجميلة، المُحدِثة، والمُشبِعة.
■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟
- إنّ التحدّي الأخطر الذي يواجه الكتابة في عالم اليوم هو الشعبوية واختزالها للسياسة في الأمّة. الكتابة التي أرغب بقراءتها تتناول الروابط البشرية والتضامن بجميع أشكاله. حرّيات الكتابة تتعارض مع التهديد الشعبوي.
■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟
- لقد ركّزَت أعمالي في العقد الماضي على مساحات وممارسات الترحيب. من بين اهتماماتي الرئيسية الطريقةُ التي شُكّلت بها سياساتُ العداء والطرد الثقافةَ في المملكة المتّحدة. هذه ميول ضارة للغاية ولها علاقة كبيرة بالطريقة التي تُستخدم بها اللغة. لقد بحثت في قصائدي عن أساليب التعبير عن أشكال الصداقة والتضامن. السؤال الذي أعود إليه باستمرار هو، كيف نعيد تصوُّر مساحتنا المشتركة؟
مواجهة الثقافة التي يصنعها نظام الحدود الإقصائي في بريطانيا
■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟
- أتعاطف بشدّة مع هذا المقولة. من المستحيل التفكير في الشعر الإنكليزي دون التفكير بدَينه للتقاليد اللغوية الأُخرى. إنّ تاريخ الشعر طويل ولا يمكن تصوّره بدون مترجمين.
■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب فيها؟
- هذا سؤال صعب ومثير للاهتمام. إّنني أدرك تماماً، في الوقت الحاضر، أنّ اللغة الإنكليزية تُستخدم لخلق سياقات تدفع الناس بعيداً وتجبرهم على الخروج. وهذا جانب مزعج للغاية في الإنكليزية. لهذا السبب، شرعت في إيجاد طرق لإبقاء اللغة مفتوحة. إنّي أكتب الشعر الغنائي لأنّني أحبّ الترابط الذي يطمح إليه هذا الشعر، واللغة التي أريدها قادرة على التضامن والترحيب.
■ كاتب منسي من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟
- الشاعر الذي لم يسمع الكثيرون عنه، والذي يضعنا بشكل جميل في العالم هو توماس أ. كلارك Thomas A. Clark. لقد قرأت أعماله وأحببتها عندما قرأت الشعر لأوّل مرّة، ثم تعّرفت عليه مجدّداً بعد انتقالي مؤخّراً إلى إسكتلندا. يجب مشاركة أعماله، وعلاقتها بالبيئة التي يصوّرها، على نطاق أوسع.
■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟
- لا يمكنني تصوُّر أنّ كتبي ستبقى بعد 1000 سنة من الآن. ولكن إذا عثر أحد القرّاء المستقبليّين على كتاباتي في الأرشيف، أو في أي مكان آخر، فسأكون سعيداً إذا حملت أثراً لتاريخ عصرها.
■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟
- أودّ أن أشكركم على كرمكم الشديد في الاهتمام بعملي. آمل أن تجدوا فيه التطلعات والالتزامات التي يتردد صداها معكم.
بطاقة
David Herd شاعرٌ وكاتب وناشط بريطاني من مواليد عام 1967 في ليستر. درس في جامعتَي بريستول وكلّية لندن الجامعية. يُدرّس حالياً الأدب وحقوق الإنسان في "جامعة سانت أندروز" ويشارك في تنظيم مشروع "حكايات اللاجئين". صدرت له عدّة كتب شعرية ونثرية؛ من بينها في الشعر: "والكلّ فقط" (2012) و"خلال" (2016) و"أغنية المشي" (2022)، وفي النثر: "الكتابة ضدّ الطرد في عالم ما بعد الحرب" (2023).