طارق مسلي.. لحظة سقوط ممتدة منذ مجزرة 1961

31 مارس 2019
من العرض
+ الخط -

بتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1961، وصلت حرب التحرير الجزائرية إلى ذروتها. نشرت تقارير فرنسية حول مقتل اثنين من المدنيين الجزائريين، أثناء هجوم البوليس الفرنسي على احتجاجات سلمية خرجت في شوارع باريس في ذلك النهار.

كانت التظاهرة ضد حظر التجول الذي فرضه قائد الأمن آنذاك موريس بابون، والذي يقضي بمنع خروج الجزائريين والمسلمين في شوراع العاصمة الفرنسية بعد الثامنة والنصف مساء.

بالكاد تناقلت الصحافة الفرنسية والعالمية الأخبار، ولم يكترث أحد، وبتاريخ 31 من ذلك الشهر، أصدر رجال أمن مجهولون بياناً قالوا فيه إن بابون أشرف على تحركات رجال الأمن وأنه جرى الاعتداء على المتظاهرين وقتل العشرات منهم، وبعضهم ضرب إلى أن فقد الوعي، قبل أن يلقى بهم إلى نهر السين.

كان ثمة شهود رأوا الجريمة ولكن جرى إرهابهم وتخويفهم من الشهادة وقول ما رأوا بأم أعينهم: ضباط فرنسيون يلقون بشباب جزائريين أحياء وقتلى إلى النهر، وفي عام 1991، قام المؤرخ الفرنسي جان لوك آينودي بتقديم شهادات حقيقية حول الواقعة، ونشر كتاباً بعنوان "معركة 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 بباريس".

وصلت أرقام الضحايا الجزائريين الغارقين في النهر إلى المئات، جرفت جثثهم إلى ضفاف السين بعد أسابيع من المظاهرة، إلى جانب القتلى الذين لم تلق جثثهم في النهر، ليصل عدد ضحايا ذلك اليوم وفق روايات مختلفة إلى رقم يتجاوز الثلاثة آلاف شهيد.

المؤرخ ديفيد أسولين تمكن من الوصول إلى بعض محتويات أرشيف البوليس الفرنسي حول الواقعة، والتي أيدت ما قدمه آينودي عن أعداد الضحايا. رغم ذلك أعلنت الحكومة الفرنسية عام 1998 أن 48 شخصاً فقط قتلوا في ذلك التاريخ.

الفنان الجزائري طارق مسلي (1968)، يقوم حالياً بالعمل على مشروع فني جديد بعنوان "لسنا طيوراً"، يخصصه لمذابح 17 أكتوبر 1961 وبشكل خاص لحظة سقوط المتظاهرين الذين ألقوا في مياه نهر السين.

جمع مسلي ثلاثين رسماً ولوحة فنية بالإضافة إلى عرض أدائي تم تقديمه في غاليري "ليز أتيليه سوفاج" Les Ateliers Sauvages في الجزائر، لثلاثة أيام كان آخرها أمس.

في العرض يستنسخ الفنان صورة شخصية له في حالة سقوط، ويعيد إنتاجها عشرات المرات في وضع مماثل، حيث تعلق كل الأعمال أيضاً في فراغ الغاليري وكأنها هي الأخرى أعمال في لحظة سقوط التي تتمدد في مشروع مسلي وتصبح بطول الزمن من ليلة 17 أكتوبر 1961 إلى يومنا، حيث يعتزم الفنان الاستمرار في المشروع بهدف تحويله إلى فيلم طويل.

دلالات
المساهمون