عناقيد البكاء للنهارات البيضاء

23 مايو 2019
فاطمة ملال/ المغرب
+ الخط -

لست أول الحزن ولا منتهاه
أنا العابر بين العابرين
تحت الغيوم الوثّابة بين ممرّات الهواء
تحت القمر المحجوب كالحياء
تحت النجوم المائلات إلى وضح النهار
تحت الدوالي ذوات العناقيد الضاحكات

النهار الأبيض
يلمع في الحجرات المعتمة
والمدن تضجر
الأرصفة عالمة آثار
آثار المشائين
تعرفها الأرصفة
كما يعرفها وجه الإسفلت المصفوع بالخطو والعجلات
المشاؤون إلى مصائرهم المرسومة بعناية الصانع
آثارهم سيمياء العبور


النهار بارد القلب.. أحياناً
لما تُوغل الوحشة في المسام
مسام الوحدة القارسة
وأيضاً.. مؤلم هذا الوجود الفاتر
الجامد كالجثة


أنا العابر كالعابرين
أنسى الوصول الأخير
وصول الحشرجة


الحشرجة برهة في الحدّ الفاصل
بين التراب والهواء
والرقاد برزخ لا ينام.


على الأرض كومة من الأحزان
وعناقيد بكاء
وليل يغسل النهار البريء
براءة الذئب


أقلقنا راحة الأرض
وكنّا رعاة للآثام
قتلنا السنديان
وحطمنا فسائل الفرح الأرضي
هشّمنا رؤوس الورد
وسفكنا الأحلام
نحن جناة على السطح
والأعماق بلهاء لا يكترث لها أحد.
الأيام تندلق من أصابعنا
والليالي تنطفئ بإغماضة عين
النهارات تمضي ولا تشيب
النهارات لا تشيخ
الليالي رحم
والنهارات مواليد.


يصنعون التماثيل ويقرفصون عند أقدامها المعقوفة
يشربون الخديعة
ويترنحون على أبواب الفضيلة
يرقصون على جثث الأفكار التي تمشى في الرأس عارية من الرياء
يرفسون الأمنيات
ويعصرون خمرة الكذب في حضرة السلطان.


الخسارات في كلّ باب
في كلّ منعطف
في كلّ زقاق
الأفكار النيئة تؤكل
قطيع الأهواء كلما أكل بعضه جاع أكثر


البرتقالات جفّ ماؤها الحلو
والبساتين تهدّمت
ثمة
فواكه تتوجع تحت الأنقاض.


* شاعر من المغرب

المساهمون