صائد الأحلام

17 اغسطس 2015
غيلان الصفدي / سورية
+ الخط -
أجل أجل، هذا الكوكب مُراهق، مُراهق نَحيل ومُرتبك مع حبّة وسط الأنف ونظّارات سميكة ومجموعة من النُكات غير المُضحكة وصوت "عريض ورفيع" وأُم تتّصل به كُل دقيقة من أجل الاطمئنان على صحتّه وإخباره أنّه أحلى من ابن خالته، لكن، مع هذا، هو مراهق جميل جدّاً، رقيق، حسّاس وعاطفي، بائع هوى غير مُحترف، استطاع بسهولة الإفلات من كل توجيهات ديكارت ونصائح أرسطوطاليس وإرهاصات نيتشه، طنّشها الولد، تجَاهَلَها تماماً، ثمّ اخترع شيئاً اسمهُ "صائد الأحلام" (Dream Catcher).

*

أعيشُ حقّاً في مرحلة زمنيّة تحتوي كُتُباً عن فلسفة نقد العقل المحض وما بعد بعد نقد العقل المحض بقليل، كما تحتوي أيضاً دريم كاتشر، الكثير من الدريم كاتشر، وعادي، ناس وهيك ومشاوير وحروب وبزر.

*

تبدأُ الإسطورة بأن تقول إنّ الكلمات لم تكن مُركّبةً بقدرِ ما كانت أصواتاً تنمّ عن الشعور، حين ذاك، حكيمٌ هنديٌّ يُدعى "لاكوتا" جلسَ وحيداً على جبل عالٍ يطلب المعرفة، وفجأةً، اقترب منهُ عنكبوت وبدأ بنسج خيوطه بشكلٍ متشابكٍ ودائري على دائرةٍ معدنيّة كانت معلّقة على ثياب السيد "لاكوتا" كنوع من الزي الخاص بقبيلته، وصارَ أنّ العنكبوت حكى له كيفَ مهما تشابكت الأمور، سيظلّ الدوران مع طاقة الخير مُفضياً للخير، كما الدوران مع طاقة الشر سيصنعُ شرّاً، لكنّ العنكبوت ترك ثقباً صغيراً لأجل روح الحكمة، وأوصّى "لاكوتا" أن ينطقَ بالحكمة من خلال هذا الثقب، ليدلّ الكائنات على الخير.

*

طبعاً، السيّد "لاكوتا" ما كذّب خبراً، نزل ركضاً ع الضيعة، جَمَع الناس وبلّش:
"شوف ولا حبيبي أنت وياه وياها، هاي الحديدة هاي شغلة لصيد الأحلام، مو مزح، بتحطا فوق راسك بالليل، كل الأحلام الشريرة -وَعد منّي- رح تعلق بالشَبك، وبس الأحلام الحلوة رح تفوت من هالبخش يللي بالنص، وأوّل ما تطلع الشمس رح تتحرك الرِيَش يللي تحت ويختفي كل شي وتفيق، ويا دار ما دخلك شر، يللي بدو وحدة يجي لعندي ع المحل.. فاتح طول السهرة".

*

وهكذا، بكامل الحكمة، ما زال الكوكب حتّى هذه اللحظة، يستعمل "الدريم كاتشر"، يحبّها، يربطها بالتفاؤل والأحلام الحلوة، يضعها فوق رأسه، وينام.

*

أحلام حلوة يا أشرار.



* شاعر من سورية 
المساهمون