عطرُ مدينة

12 يونيو 2017
(مقطع من بلاط من تصميم المعماري أنتوني غاودي)
+ الخط -
واحد من أسباب تعلّقي ببرشلونة، أنها مدينة مؤنّثة. وهو سبب ـ إضافة إلى عالميّتها وطيبة أهلها ومناخها المتوسطي ـ يجعلني أحنّ إليها، كلّما سافرت إلى مقاطعة أخرى داخل إسبانيا.

قد يكون لكثافة السواح هنا دخْل، فما من مقاطعة بها هذا الزخم الأنثوي مثلها. لا بالنسيا ولا طليطلة ولا غرناطة ولا سرقسطة ولا غاليسيا ولا مدريد (المدن التي زرتها حتى اللحظة).

حين وصلتها، سكنت في حي "إلبورن"، في قلبها القديم. قرابة ثلاثة أعوام، أزعم أن ما رأيته خلالها مؤنّثاً، يزيد على نسبة الـ 70 %.

بعد هذا انتقلت إلى الضواحي الهادئة، في باي دي برون وسارِيا سان جرفازي. وتكرر المشهد، مع بعض النواقص ـ فلا سواح في الضاحيتَين مثل المركز.

أركب المترو أو القطار، فيكونا مؤنّثين بالغالبية خلا رتوش من الذكور. أمشي في الشارع، أصعد الجبل للرياضة، أُشارك في مظاهرة، فأجدهن أينما ولّيت.

ولما كنت أحمل قناعة قديمة صنعتها ألوف الملاحظات عن الفروق بين المؤنت والمذكر، فقد أسعدتني حقاً إقامتي في حيز يتسيّده عطرُ الأنوثة ونُبْلُها.

إن هذا لمن رضى ربي ورضى أُمي عليّ. فيكفي 52 سنة جدباء أمضيتها في مجتمع ذكوري أبوي حتى الاختناق.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون