كان من المفترض حين ظهر اليورو أن يوحّد دول "الاتحاد الأوروبي"، ولكن اليوم يمكن اعتباره عملة تفصل بينها، وكذلك عندما تم تبني هذه العملة، انقسم الرأي بين الاقتصاديين الليبراليين والدول الأعضاء في "الاتحاد"، بل إنها هوجمت من قبل القوميين وغير القوميين.
في كتابه "اليورو: كيف تُهدِّد العملة الموحّدة مستقبل أوروبا"، يقدّم الأكاديمي الأميركي جوزيف. إي ستيجليتز تحليلاً لمشروع العملة الأوروبية الموحدة المثير للجدل، ويعتبر بأن مشروع منطقة اليورو كان "معيباً منذ ولادته"، لأن قصة اليورو "تم النطق بها من قبل السياسيين غير الملتحقين بالاقتصاد الذين يخلقون واقعهم الخاص بينما هناك العديد من العوامل التي تسهم في مصاعب أوروبا"، ويقول إن اليورو هو خطأ أصبح واضحاً بشكل خاص بعد أزمة 2008.
صدر الجزء الأول من الكتاب مترجماً إلى العربية ضمن سلسلة "عالم المعرفة"، ونقله مجدي صبحي يوسف، ويأتي في أربعة فصول؛ في الأول "أوروبا في أزمة" يناقش ويحلل سبب اعتبار اليورو كعملة موحدة مشكلة منذ أن جرى اعتماده، ويتناول من وجهة نظر نقدية السياسات الخاطئة التي اتبعتها أوروبا.
يبحث الكاتب أيضاً في المستقبل، ويفكر فيه، ويوضح أن اليورو وتحدياته مختلفة بين الدول، وأن المخاطر ليست مشتركة بالمقدار نفسه. ويقول إنه في حين يُعتقد أن سياسة العملة الأوروبية تعمل على تحفيز النمو الاقتصادي، فإنها تتسبب في مشاكل اجتماعية عميقة وبطالة حادة المستوى، معتبراً أن منطقة اليورو لم تكن مهيأة لاستيعاب التنوّع الاقتصادي لأوروبا؛ كما أن بنية منطقة اليورو، وقواعدها وأنظمتها، لم تكن مصممة لتشجيع النمو والعمالة والاستقرار، مستشهداً بمشكلات البرتغال وأيرلندا واليونان وإسبانيا وقبرص.
من جهة أخرى، لا يشير الكاتب الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001، فقط، إلى العدد الكبير من الاقتصادات المختلفة للغاية التي تم ضغطها في عملة واحدة، ولكن يلفت إلى الفشل في توفير "مؤسسات من شأنها أن تجعلها تعمل بشكل مشترك". وكذلك، يرى أن ألمانيا استخدمت هيمنتها الاقتصادية لفرض وجهات نظرها السياسية التي لا تقوّمها لا البلدان ولا الاقتصاديون الذين ينبهون إلى خطورة المسألة.
من وجهة نظر ستيجليتز، جرى السعي وراء اليورو كمشروع سياسي دون فهم صحيح لما يعنيه الاتحاد النقدي. من هنا، بينما سعت ألمانيا ودول أخرى إلى إلقاء اللوم على الضحايا، كانت السياسات والبنية الخاطئة لمنطقة اليورو هي المسؤولة عن الأداء الضعيف والأزمات المتعددة الناشئة عن "الاتحاد الأوروبي" منذ بدايتها.
بحسب الكاتب، فإن العملة الموحدة الناجحة تتطلب هياكل من شأنها أن تجعل الدول المزدهرة تدعم الدول الأقل ازدهاراً بأموال فعلية وضمانات عبر الحدود. أيضاً، من وجهة نظر ستيجليتز، فإنه بدون حد أدنى من المشاركة في المخاطر، لا يمكن لأي اتحاد نقدي أن يعيش ويعمل بشكل فعال.