تابعُ الظلّ

28 يناير 2017
(سيرج نجار/ لبنان)
+ الخط -

أمضى فرناندو كارّيرَس سنوات من حياته برتبة رقيب. وفي لحظة سكْر، جاءه الإلهامُ فبكى. بكى كما لم يبك وأضمر شيئاً. بعد شهر من الاختفاء، ظهرَ في واحدة من قرى الشمال البلجيكي.

هناك، عاش معذّباً بين الحنين ووخز الضمير. ينام وقتلاه يستيقظون تحت الوسادة.

وفي صباح مشمس لا يمكن أن ينساه مطلقاً، نهض فرناندو كارّيرَس نشيطاً، فقرّر ألا يفوّت الفرصة، وأن يُمضي النهار في التجوال بلا هدف.

بعد ساعة من المشي لاحظ فرناندو ـ بنوع من الاسترابة ـ أن ظلّه يسبقه وهو يتبع الظل كجندي مسلوب الإرادة. انتفض فرناندو ونظر إلى الشارع فلم يصدف كرسياً ليجلس، فتنتهي المهزلة.

فكر لبرهةٍ، ثم انهار دفعة واحدة، مثل جُرْف، مفترشاً الأرض.

ومنذ ذلك اليوم، لا يخرج فرناندو للتمشي (حتى بعد أن عاد فور وفاة الدكتاتور) إلا بُعيد أن ينتصف النهار، ويضمن أن تنزاح الشمس عن كبد السماء.

ففرناندو يحس داخلياً بالعار، لو حدث ومشى فألفى ظله يسبقه.

كلا، يا فرناندو! ـ يقول ـ لن تكون تابعاً لأحد ولو كان ظلك. ولسوف توصي بحرق الجثة، خوفاً من أن يسير التابوت تحت شمس الصباح، ثم .. من يضمن الأولاد والأحفاد في هذا الزمن؟

وبصق!

المساهمون