"البوكر العربية": قائمة قصيرة بنكهة التطبيع

05 فبراير 2019
ضياء العزاوي/ العراق
+ الخط -

بينما كانت وسائل إعلام "إسرائيلية" تتحدّث، اليوم الثلاثاء، بنبرة احتفائية، عن اعتراف الإمارات رسميّاً بالجالية اليهودية المقيمة على أراضيها، كان القائمون على "الجائزة العالمية للرواية العربية" (البوكر العربية)، التي تُنظّمها "دائرة لثقافة والسياحة في أبو ظبي"، يُعلنون عن القائمة القصيرة لدورتها الثانية عشرة على خشبة "المسرح الوطني الفلسطيني، الحكواتي" في مدينة القدس المحتلّة في قاعة فارغة إلا من بعض موظفي "المركز الثقافي البريطاني".

ربّما كان الخبرُ الأوّل ليكون عادياً وليُدرَج ضمن "برنامج التسامح"، الذي تُروّج له الإمارات هذه الأيّام مع تنظيمها مؤتمراً حول حوار الأديان (وهو تسامح من نصيب دولة الاحتلال وحدها وحدها دون غيرها كما يبدو)، لولا أنه يأتي كحلقةٍ جديدة في مسلسل التطبيع الذي بدأ بث حلقاته قبل فترة، ولولا أنَّ وسائل الإعلام ذاتها نقلت عن حاخامٍ إسرائيلي، كان أحد المشاركين في المؤتمر، إن عدداً من المسؤولين الإماراتيّين، الذين جلس معهم، أخبروه أنهم يتطلّعون للقيام بعلاقاتٍ مع "إسرائيل"، وأن ذلك "مسألة وقتٍ فقط".

ومن السياسي الذي ينتحل صبغةً دينية في أبو ظبي، إلى السياسي الذي يتخفّى وراء الثقافة في فلسطين المحتلّة، لا يُمكن أن يُقرَأ اختيار مدينة القدس لإعلان قائمة "البوكر العربية" القصيرة سوى كخطوة أخرى من خطوات التطبيع المحمومة مع الاحتلال الصهيوني، التي تقوم بها الإمارات ودولٌ أخرى في المنطقة. وإلّا فما تفسير أن يَجري الحفل وتُعلن الأسماء التي وصلت إلى القائمة (هدى بركات، وكفى الزعبي، وشهلا العجيلي، وعادل عصمت، وإنعام كجه جي، ومحمد المعزوز)، دون مجرّد إشارة إلى أن القدس مدينة عربية محتلة؟ وحتى دون اتباع اسم القدس بكلمة "المحتلة" على ما يدرج في الإعلام العربي، واستعيض عن ذلك في بيان الجائزة بمسمّى "القدس الشرقية" وهو مصطلح اسرائيلي معروفٌ تاريخه وأسباب استعماله. 

لم تذكر إعلانات "البوكر" مجرّد ذكر اسم فلسطين، ولم تذكر كلمة الاحتلال في جملة واحدة من بداية القصة إلى نهايتها، وكأن القدس بلدة هادئة في أرياف سويسرا وليست عروس العروبة المغتصبة. حتى الخطاب البلاغي (باسم "التضامن" و"زيارة السجين") الذي يتستر به بعض المطبّعين لم يجر استعماله. إننا أمام نموذج تطبيعي يمكن أن تُشرح بناء عليه كلمة التطبيع التي يريدها البعض غامضة، في حين أن العلاقات الودية مع الاحتلال ليس في تفسيرها غموض.

الرواية لم تتم فصولا، ونقول لـ "السذّج" الذين سيتطوعون لإيجاد تفسيرات وهمية وتعلّات كاذبة لهذه السابقة، انتظروا قليلا وسترون مآلات هذا المسار التطبيعي.

المساهمون