خيال الظل: قصة الأب المشترك للمسرح والسينما

06 مايو 2015
من الورشة (العربي الجديد)
+ الخط -

حضرت فكرة التلاعب بالظلال وتوظيفها في بدايات كل من المسرح والسينما، رغم التفاوت الزمني الكبير بين ظهور هذين الفنين تاريخياً. حاولت ورشة "من مسرح خيال الظل إلى سينما التحريك"، التي اختتمت في تونس قبل أيام، تعريف وتدريب المشاركين على تقنيات خيال الظل، ومختلف مراحل إنتاج مسرحيات أو أفلام تعتمد هذه التقنية.

يقول منظّم الورشة، المخرج ومحرّك الدمى عامر المثلوثي لـ "العربي الجديد": "أردنا توضيح مختلف توظيفات هذا الفن، وهي كثيرة. كما بيّنا الانتقال من مسرح خيال الظل إلى السينما". يعتبر المثلوثي مسرح خيال الظل أنه "لعبة إنارة وإظلام، وهو يتفرّع لعدة أشكال مثل ظل جسد الممثل، ظل اليدين، ظل الأشياء أو ظلال الدمى المسطحة أو عرائس خيال الظل وهذا النمط الأخير هو ما تركز عليه هذه الورشة".

يتطلّب هذا الشكل المسرحي عدة مهارات متكاملة؛ فعلاوة على القدرة على التحريك، يحتاج دقة على مستوى التصوّر وتصميم الشخصيات وتجسيدها وكتابة سيناريو خاضع لإمكانيات الظل. يشير المثلوثي إلى أن "صعوبة هذا الفن تتمثل في كون المؤدي يشتغل على حركات تختلف عما يظهر على الشاشة".

ظهر مسرح خيال الظل في حضارات قديمة كالحضارة المصرية أو اليونانية. ولعل أمثولة الكهف الشهيرة التي وضعها أفلاطون تشير إلى تشبّع اليونانيين بهذا النوع من المسرح. غير أن الأثر الموثّق لهذا الفن تطوّر في الصين ثم انتقل إلى البلدان المجاورة، قبل أن يصل الشرق الأدنى عبر غزوات المغول.

ومن المرجّح أن دخوله إلى العالم العربي (وكذلك أوروبا) حدث عن طريق الأتراك. يشهد على ذلك أن هذا المسرح تركز في البلاد العربية زمن الخلافة العثمانية وتلاشى عند تحرّر العرب من سلطتها، كما أن أشهر شخصيات خيال الظل في العالم العربي "كراكوز" هي شخصية تركية.

تبيّن الورشة مختلف عناصر مسرح خيال الظل، وهي أساساً: مصدر الضوء، الظل الأصلي للأشياء والظل المحمول على الشاشة والذي يتراوح بين الظل العادي والظل الملوّن. كما أتاحت الورشة للمشاركين فيها فرصة معرفة كيفية توظيف خيال الظل في السينما.

لقد أَسعفت الظلال السينما في بداياتها، وقد عُرض خلال الورشة فيلم "مغامرات الأمير أحمد" (1926) لرائدة سينما التحريك الألمانية لوته راينغر والتي استخدمت فيه هذه التقنية، علاوة على عرض فيلم للمثلوثي بعنوان "الطفل الملك" المستوحى من التراث الأفريقي.

عن واقع مسرح خيال الظل، يضيف المثلوثي: "يحتاج هذا الفن لظروف عرض مواتية مثل درجة عالية من العتمة، كما لا يمكن إنجازه إلا إذا توفرت قدرات تنفيذ عالية لدى منجزيه".

 ويجد المخرج التونسي أنه "فن مهمّش بعض الشيء، كما أنه فن يساء به الظنّ حين يعتبر بأنه يُلغي جسد الممثل" إذ يرى عكس ذلك: "يوجد عقد وتزاوج بين جسد الفنان ورؤيته من جهة والدمية المسطحة من جهة ثانية". وهو يؤكد بأنه "مسرح قائم بذاته، وليس مسرح أطفال بالضرورة".

دلالات
المساهمون