"جون أفريك": سوء استخدام الصورة

02 سبتمبر 2017
بعد أحداث برشلونة، تصوير: خوان كارلوس لوكاس
+ الخط -

بعد أحداث برشلونة الأخيرة، خصّصت مجلة "جون أفريك" الفرنسية اللسان، عددها الأخير لتناول هذا الحدث. بالطبع لم تكن وسيلة الإعلام الوحيدة التي تسلطّ الأضواء على الحدث، ولكنها هي بالذات التي تهاطلت حولها الانتقادات، خصوصاً في المغرب، فالأمر لا يتعلّق بالحدث في ذاته بل بتناوله والإيحاءات الحافة به.

على غلاف العدد، نجد صور عشرة "إرهابيين" متهمين في عملية برشلونة في شكل دائرة، يتوسّطها عنوان كبير: "الإرهاب.. وُلد في المغرب" (بلغة إنكليزية مفهومة لدى أي قارئ فرنكفوني).

هذا الربط الإسقاطي أثار حفيظة الكثير من المثقفين المغاربة، وأثار ضجّة في شبكات التواصل الاجتماعي، ما وضع المجّلة في إحراج دعا مدير تحريرها، الصحافي الفرنسي فرانسوا سودان، إلى تقديم تصريح إعلامي يشير فيه إلى أن اختيار هكذا عنوان لا يمثّل اتهاماً للمغرب، بقدر ما هو التقاط لفكرة من الحدث، مشيراً إلى دقة عبارة "وُلد في المغرب" Born in Marocco (كون المنفذين في معظمهم من أصول مغربية) مقابل عبارة "صُنع في المغرب" Made in Marocco، وهي تفسيرات لا تبدو مقنعة بالمرة، وإن أضاف سودان بأنه يوجد تعليق تحت العنوان يقول "ولدوا في قلب المملكة، وأصبحوا متشددين في أوروبا". وقد يكون هذا التعليق مفسّراً لوجهة نظر المجلة، وأكثر موضوعية، غير أن الجانب الإيحائي الذي حمله العنوان الرئيسي يحتكر معظم اهتمام القارئ، وهو ما لا يخفى على المشرفين على المجلة.

لا يمكن لمثل هذه التوضيحات أن تُسقط شعور القرّاء بشيء من "الخبث" الإعلامي يتضمّنه العنوان، علماً أن هذا الغلاف خاص بطبعة شمال أفريقيا من المجلة، فيما حمل نفس العدد غلافاً ثانياً في بقية البلدان الأفريقية، وهي عادةٌ معمول بها لأهداف متعلقة بالمبيعات.

ما وقع في العدد الأخير من مجلة "جون أفريك"، يرسّخ اعتقاداً في مجمل البلدان المغربية كونها حمّالة لخطاب غير ما تدعيه في دعم القضايا الأفريقية، فرغم أن مؤسسها تونسي، البشير بن يحمد، إلا أنها تبدو في الغالب ذات نظرة فرنكوفونية (استعمارية ربما) إلى القضايا الأفريقية، وليس العدد الأخير استثناء.

على مواقع التواصل الاجتماعي، حضرت الكثير من التعليقات المنتقدة لخيارات الصورة التي اقترحتها المجلة، مثل قول أحدهم "اخجلوا من أنفسكم"، و"شكراً جون أفريك على اعتبار المغاربة إرهابيين"، و"تنشرون مجلتكم في بلادنا وتشوّهون صورتنا". ومقابل ردود الفعل هذه، نجد مجموعة من الصور التي انتشرت تستعيد نفس هيكلة غلاف "جون أفريك"، ولكن مع وضع شخصيات مغربية "ولدت في المغرب" معروفة في أوروبا مثل كمال ودغيري (عالم فضاء)، وجمال دبوز (كوميدي)، وليلى سليماني (كاتبة).

المساهمون