بوب ديلان.. في قراءة الفتى العجوز

21 أكتوبر 2016
(تصوير: جون سوبر)
+ الخط -

في البداية، انشغل العالم بمنح "الأكاديمية السويدية" المغنّي الأميركي، بوب ديلان (75 سنة)، "جائزة نوبل للآداب" لعام 2016، باعتباره أوّل مطرب ينال الجائزة البارزة التي تُمنح للأدباء والشعراء. بعد الإعلان بأيام، بات الاهتمام بتجاهل ديلان لها وعدم تواصله مع الأكاديمية، حتى أنه في يوم إعلان فوزه كان يقدّم حفلاً في لاس فيغاس، ولم يأت على ذكر الجائزة.

إلى الآن، لا أحد يعرف إن كان ديلان سيحضر حفل تكريمه في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر المقبل أم لا، حتى الأكاديمية نفسها لا تعرف، وقالت السكرتيرة الدائمة للأكاديمية، سارة دانيوس، "إذا لم يرد أن يحضر، فلن يحضر، سيكون هناك حفلا كبيرا في كل الأحوال، وتكريم له".

وكتب كثيرون حول العالم عن منح الجائزة العالمية الأشهر في مجال الآداب لمطرب. ليس لصوته أو تميّزه في الغناء، وإنما لأشعاره المختلفة. اتفق البعض واختلف آخرون حول جدارته، وربط البعض بين حصوله عليها وبين جوائز كثيرة حازها في مسيرته، أبرزها 11 جائزة "غرامي" وجائزة "أوسكار" وجائزة "غولدن غلوب".

في العالم العربي، ظهرت كتابات متناثرة حول ديلان ونوبل، عن شعره وموسيقاه. كان معظمها يسخر من منح مغن الجائزة المرموقة، وبعضها يطرح أسماء آخرين أحق منه، مع إشارات محدودة وباهتة إلى علاقته الوثيقة بـ "إسرائيل"، وهجومه على المقاومة الفلسطينية في بعض مراحله.

في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1983 أصدرت "تسجيلات كولومبيا" ألبوم بوب ديلان الجدلي الشهير "الكفّار" (Infidels)، وكان ثاني ألبوماته، وضمّ أغنيته الأكثر دعماً لـ "إسرائيل"، حيث سخر فيها من كل من يؤكّد أنها دولة احتلال، وهي أغنية "فتوة في الجوار" (Neighborhood Bully).

عند صدور الأغنية، كان العالم لا يزال تحت وقع المشاهد الدموية لمذبحة "صبرا وشاتيلا"، في 16 أيلول/ سبتمبر 1982، والتي قُتل فيها نحو 3500 لاجئ فلسطيني وعدد من اللبنانيين، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ العزّل.

وقتها، وصف ناقد صحيفة "نيويورك تايمز" الفنّي، ستيفن هولدن، الأغنية بأنها "دفاع صريح عن إسرائيل"، وأن ديلان "معتوه غاضب يكرّر الرواية الإسرائيلية الخاصة بأنها بريئة ومظلومة ومضطهدة"، وكتب أن ألبوم "الكفّار" يعبّر عن "فنان مضطرب فقد القدرة على التواصل مع العصر الحديث".

في العام نفسه، 1983، زار ديلان "إسرائيل" مجدّداً، لكنه هذه المرة سمح بتصويره هناك وهو يرتدي ملابس اليهود المتشدّدين، بحسب الناقد نفسه. لكن الهجوم الواسع على الأغنية جعله يبرر لهجتها بأنها وجهة نظر تضمّنتها أغنية من آلاف الأغنيات التي قدّمها، حسب قوله في حوار عام 2004.

في أيار/ مايو الماضي، كتب غابي فريدمان في "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحت عنوان "استعادة أغنية بوب ديلان المنسية الداعمة لإسرائيل"، أن مواقف ديلان الداعمة لإسرائيل "تم اختبارها مرّات عدة، وأثبت فيها جميعاً أنه داعم صلب". وكتب عن زيارات ديلان التي لم تتوقف إلى "إسرائيل" منذ الستينيات، وعن حفلاته الثلاث في تل أبيب في 1987 و1993 و2011.

وكشف فريدمان أن ديلان كان صاحب فكرة حفل فريق "رولينغ ستون" الأول في "إسرائيل" عام 2014، نقلاً عن تصريح عازف الغيتار في الفريق، روني وود، وقتها للقناة الثانية الإسرائيلية.

ولا تتوقّف علاقة ديلان بـ "إسرائيل" عند الدعم المعنوي أو الزيارات، حيث أن هناك إشارات عدّة إلى علاقته باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وكذا جماعات متشدّدة في دولة الاحتلال، من بينها حزب "شاس".

الحديث حول ذلك ليس جديداً طبعاً، لكنه متكرّر، حيث كتب أنتوني سكادوتو في "نيويورك تايمز" عام 1971 قائلاً: "اهتمام ديلان بإسرائيل قاده قبل عام إلى علاقة غير متوقّعة مع الحاخام مئير كاهانا واللوبي الإسرائيلي". ولاحقاً، تداول كثيرون حضوره بعض اجتماعات اللوبي الإسرائيلي وتبرّعه له بالمال أحياناً، بحسب موقع "الانتفاضة الإلكترونية".

الغريب أنه وعوض قراءة المعنى السياسي لفوز ديلان بجائزة نوبل للآدب، راح كثر يتداولون مقطعاً صوتياً للمغنّي الأميركي على موقع "ساوند كلاود" يتحدّث فيه عن أم كلثوم، كما تداول مهتمّون حواراً قديماً طويلاً له مع مجلّة "بلاي بوي" يتحدّث فيه عن شغفه بالموسيقى الشرقية، وأم كلثوم، وكأن "كوكب" الشرق بحاجة إلى شهادات، أو أن في كلام ديلان أي جديد يُضاف إلى أسطورتها.

المساهمون