جلال البحيري.. في انتظار أن تستيقظ البلاد

12 يوليو 2018
(مقعد جلال البحيري فارغاً، تصوير: يوهانا سيلانبا)
+ الخط -

الثامن والعشرون من الشهر الجاري؛ موعد الجلسة المقبلة التي تعقدها "المحكمة العسكرية" في القاهرة، للنطق بالحكم على الشاعر جلال البحيري، الذي اعتقل نهاية شباط/ فبراير الماضي لاتهامه بنشر وإذاعة أخبار كاذبة وإهانة المؤسسة العسكرية، على خلفية إصداره مجموعته الشعرية بعنوان "خير نسوان الأرض" (بالعامية المصرية).

وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد جدّدت حبس البحيري على ذمة التحقيق قبل أن تحيله إلى النيابة العسكرية للنظر في الواقعة، بعد البلاع المقدّم ضدّ الشاعر و"دار ضاد للنشر والتوزيع" حيث ادعى "تحريف حديث النبي "خير أجناد الأرض" في إشارة تحمل الازدراء للدين الإسلامي والإهانة إلى الجيش المصري".

أثارت قضية البحيري ردوداً مندّدة باعتبارها شكلاً من أشكال التعدّي على حرية الرأي والتعبير، وقمع المثقفين في مصر خلال الأعوام الماضية، لكن يبدو أن الأصوات المطالبة بالإفراج عنه أكثر خفوتاً في الداخل المصري مقارنة بالخارج، حيث يتصاعد قمع السلطة وعدم احتمالها لأي رأي معارض، لا سيما أن التهمة هذه المرة جمعت بين المسّ بالمعتقدات الدينية وإهانة العسكر، ما دفع بدار النشر إلى فسخ تعاقدها مع البحيري، لما بدر منه من "إساءات تمس الوطن" بحسب بيانها الذي اعتذرت فيه عن "تلك الإساءة، رغم عدم مسؤوليتنا عنها".

تكمن المفارقة بأن كلّ هذه الحيثيات والقرائن لم تكن تخطر ببال أحد، حين نظّم "معرض القاهرة الدولي للكتاب" في دورته الأخيرة حفل توقيع لديوان الشاعر قبل اعتقاله بنحو أسبوعين فقط، حيث لم يكن قد اكتشف النائب العام بعد أن هذه الأمسية قد "ألحقت العار بوزارة الثقافة وهيئة الكتاب، وكل من سمح بصدور ذلك الكتاب وتوزيعه" بحسب بيانه.

فربما بقيت المجموعة في طي النسيان، لولا ظهور أغنية "بلحة" بغناء رامي عصام وكلمات جلال البحيري في السادس والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، والتي جمعت ملايين المشاهدات على موقع "يوتيوب، والتي تبعتها حملة تشويه ممنهجة شنها الإعلام المعروف بتأييده للسلطة قادت إلى اعتقاله وتعرّضه إلى التعذيب، فجرى التفتيش بعدها في "دفاتر" الشاعر لتوجيه تهم جاهزة إليه.

الموضوع الأساسي الذي أغضب السلطات ممثلاً بالأغنية تحوّل إلى قضية ينظر فيها القضاء المدني، بينما تسبّبت المجموعة الشعرية التي ربما لن تجد رواجاً يذكر بمثول البحيري أمام المحاكم العسكرية، في لحظة قرّر فيها نظام السيسي الدفاع عن ثوابت الوطن وجيشه والذود عن حمى الإسلام.

من سجن طرة، كتب البحيري قصيدة يقول فيها "يا شيء في القلب مش منطوق/ يا شيء في الحلق/ يا آخر رغبة للمشنوق/ يا ساعة الشنق/ يا حاجة شديدة للنسيان/ يا سجن وموتة بالمجان/ يا أصدق معنى للإنسان/ يا كلمة "لا"...".

كما يدوّن في مقطع آخر منها "ورأينا بلاد/ بتقوم من النوم/ وتدوس فرعون/ وبتغسل عصر العصا والشوم/ ورأينا بلاد/ بتغني أغاني تليق بولاد من خلق حديد/ ولا تشبه أي غناوي عبيد/ ولا تشبه كل نعيق البوم ورأينا بلاد/ ما فيهاش مظلوم".

المساهمون