بات فصل الشتاء في سورية كابوساً سنوياً يؤرق النازحين ويزيد من معاناتهم داخل المخيمات التي لجأوا إليها، هرباً من قصف قوات النظام السوري وحلفائه لمدنهم وقراهم.
ولا تتمكن المخيمات، خصوصاً العشوائية منها، في أغلب الأحيان، من الصمود أمام الأمطار والثلوج والرياح، ما يتسبب بمتاعب كبيرة للنازحين، إضافة إلى البرد القارس في ظل نقص مواد التدفئة.
ويسعى نازحون للحيلولة دون تكرار المعاناة ذاتها مع الشتاء المقبل، ببناء بيوت من حجارة وطين، أشبه بمنازل أجدادهم البدائية، لكنهم يأملون أن تدرأ بعض البرد، وتحميهم من مستنقعات تخلفها الأمطار والثلوج.
مخيم "بريقة"، على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل في ريف القنيطرة، أحد المخيمات التي بدأ قاطنوه الاستعداد للشتاء، بإزالة الخيام، وبناء بيوت من الحجارة والطين والألواح الحديدية، علها تخفف عنهم وطأة الشتاء القادم.
يقول النازح فهد أبو حسين، في مخيم بريقة، إن خيار تحويل الخيام إلى بيوت من الحجارة والطين، جاء لمنع تكرار ما كان يحدث كل شتاء، خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ أغرقت الأمطار الغزيرة والثلوج بعض الخيام وانهيار بعضها الآخر.
كما لم تكن الخيام ملاذاً دافئاً لأطفال المخيم، فاضطر سكان المخيم هذا العام إلى العيش في بيوتٍ بدائية، مثل تلك التي كان يقطن فيها أجدادهم، وقبل مئات السنين، وفق أبو حسين.
وأوضح النازح السوري، الذي استبدل خيمته ببيتٍ صغير من الحجارة والطين، أن معظم الشباب في المخيم والقادرين على حمل الحجارة، يتعاونون على بناء البيوت لمن يرغب في ذلك، من دون أي مقابل. في حين استبدل بعض السكان خيمهم ببيوتٍ من الألواح الحديدية (الزينقو) غطوها من الداخل بالأقمشة المتوفرة، للتخفيف من برودتها في الشتاء.
ويشكو المسؤول المحلي في مخيم بريقة، محمد الباطني، من تقصير الهيئات والمنظمات المحلية تجاه معظم مخيمات النازحين في المنطقة، خصوصاً تلك المحاذية للشريط الحدودي مع الجولان المحتل، لعدم تقديمهم الدعم اللازم لتحسين ظروف القاطنين فيها، وتحديداً مع اقتراب الشتاء. وأشار إلى أن جل ما تقدمه تلك المنظمات هي مساعدات غذائية بين الحين والآخر.
وأوضح الباطني أن مخيم بريقة يقطنه نحو 300 عائلة، معظمهم من قرى وبلدات ريف القنيطرة الأوسط، اضطروا إلى النزوح عن مناطقهم لاستمرار استهدافها بالأسلحة الثقيلة من قبل قوات النظام السوري، المتمركزة في عدد من المواقع العسكرية القريبة. كما يستقبل المخيم من وقتٍ لآخر عدداً من العائلات النازحة عن قُراها، ويعانون من صعوبة تأمين الخيم للإيواء فيها.
وأعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الحرب في سورية تسببت في تشريد أكثر من 11 مليون مواطن، داخل البلاد وخارجها. وأوضحت أن أعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار ارتفع إلى أكثر من 4 ملايين، أغلبهم في تركيا.
أما في الداخل السوري، بلغ عدد المشردين من قراهم ومدنهم جراء الحرب، 7.2 مليون نازح.
(الأناضول)