نقلة نوعية في مدارس كابول حصراً

19 فبراير 2018
صفّ في العراء (نور الله شيرزادا/ فرانس برس)
+ الخط -

أحرزت أفغانستان تقدّماً كبيراً لناحية تطوير قطاع التعليم، خصوصاً في العاصمة كابول، وهو أمر لا ينطبق على الأقاليم النائية، حيث ما زال البعض يدرس في العراء أو في الخيام. مع ذلك، هناك تفاؤل

في وقت يشهد قطاع التعليم في العاصمة الأفغانية كابول تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، ما زال يعاني ثغرات كثيرة في الأقاليم وفي العديد من المناطق النائية، خصوصاً تلك التي تشكل خط النار الأول في الحرب بين الحكومة والجماعات المسلحة. واقع أدى إلى إغلاق مدارس كثيرة. ويدرس البعض في العراء أو داخل الخيام، في ظلّ غياب المباني والكادر التعليمي.

إذاً تطورت المدارس في العاصمة الأفغانية كابول في الآونة الأخيرة، في ظل الخطوات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة ووزارة التعليم خلال العامين الماضيين، من بينها الاهتمام بالمباني. سابقاً، كانت المدارس عبارة عن منازل مستأجرة في بعض المناطق، ما يعني أن الوزارة تدفع مبالغ ضخمة بدلاً لإيجار المنازل، رغم أنها كانت تفتقد إلى الكثير مما يحتاجه التلاميذ.

خلال العامين الماضيين، سعت الحكومة إلى تخصيص ميزانية خاصة لإنشاء مبان للمدارس. فإنشاء المباني للمدارس يضع حدا لمعضلة عدد المنازل المستأجرة. نعم، ما زال هناك عدد كبير من المباني المستأجرة للمدارس، لكن هذا العدد أقل بقليل مقارنة بعددها قبل أعوام.
في هذا السياق، يقول المسؤول في إدارة التعليم المحلي في كابول، محمد إحسان، إنّ أوضاع المدارس تتحسّن شيئاً فشيئاً. وخلال العامين الماضيين، أحرز قطاع التعليم في العاصمة تقدماً كبيراً، وأطلقت مشاريع يفترض أن تساهم في تغيير قطاع التعليم. ويشير المسؤول إلى قضية المباني المستأجرة، لافتاً إلى أن الإدارة تسعى جاهدة لأن تكون المباني المدرسية ملكاً لها، بدلاً من أن تضطر إلى دفع بدلاً للإيجار. هذا الأمر تحقّق بمساعدة بعض المؤسسات المعنية والدول، على غرار ألمانيا التي ساعدت إدارة التعليم في كابول ببناء مدارس نموذجية في العاصمة، لتتوسع إلى الأقاليم ومديريات العاصمة، في حال كانت آثارها ملموسة.



ولا ينحصر الأمر بالمباني. التطوّر يشمل أيضاً عمليّة التعليم في العاصمة. وتشير دراسة حديثة أعدتها بعض وسائل الإعلام المعنية بالقطاعات الاجتماعية، خصوصاً التعليم، إلى أنّ عملية التعليم قد تتحسّن كثيراً، إذ إن نسبة كبيرة من التلاميذ والآباء راضية عن عملية التعليم وأداء مدارس العاصمة. ويقول محمد إبراهيم، أحد سكان كابول، وهو يدرس في الصف الثامن في مدرسة "خوشحال خان" في العاصمة، إن حالة التعليم تتحسّن شيئاً فشيئاً خلال العامين الماضيين، لافتة إلى أن الكتب متوفّرة والأساتذة لا يغيبون، حتى أنهم يدخلون الفصل في الوقت المحدد ويخرجون منه في الوقت المحدد.

قبل ذلك، يوضح إبراهيم أن المدرسين كانوا يغيبون لأيام عدة عن المدرسة من دون أية مساءلة. حتّى التلاميذ لم يتمكنوا من التحدث في الأمر، سواء داخل المدرسة أو لدى مجيء الوفود الحكومية، خشية معاقبتهم من قبل المدرس. في الوقت الحالي، تغيّر الأمر.



وما ساهم في تحسّن حال المدارس في كابول، إقدام وزارة التعليم على توظيف مدرسين من خلال عملية أشرفت عليها بنفسها. وعلى الرغم من وجود بعض المخالفات، كانت النتيجة توظيف أكثر من 80 في المائة من مدرسين ذوي كفاءة. وكشفت الحكومة عن وجود مئات المدرسين الوهميين، وكانت رواتبهم تذهب إلى جيوب المسؤولين ومدراء المدارس المتواطئين. ويتوقّع أن تتحسن عملية توظيف المدرسين خلال الأعوام المقبلة، ولا سيما أن هناك تغيرات كبيرة حصلت في الوزارة وعلى مستوى عال. وشملت الرقابة عملية توصيل الكتب أيضاً وغيرها من الاحتياجات المدرسية، علماً أنه كان بعض التلاميذ في السابق يدرسون من دون كتب.
على عكس المدارس في كابول، لم يتغير الوضع في الأقاليم كثيراً، في ظل استمرار الحرب وضعف الرقابة الحكومية، علاوة على الفساد وقلة الاهتمام.

إلى ذلك، يقول العضو في المجلس الإقليمي في إقليم ننجرهار (شرق البلاد)، حاجي عبيد الله شنواري، الذي زار أخيراً مديريتي غني خيل وأتشين، والتقى مسؤولين في إدارة التعليم ومدرسين وتلاميذ، إن قطاع التعليم في الأقاليم يعاني من صعوبات كبيرة، أبرزها غياب الأساتذة وعدم توفّر المباني، لافتاً إلى أن البعض يدرس في الخيام أو العراء. يضيف أنه ناقش القضية مع مسؤولين في الحكومة المحلية في إقليم ننجرهار، وعدوا بإيلائها الاهتمام. من جهة أخرى، يعرب عن قلقه الشديد إزاء الوضع الأمني في المناطق الشرقية، ما أدى إلى تعطّل التعليم، خصوصاً في المناطق التي تشكل خط النار الأول في الحرب بين الحكومة والجماعات المسلحة.
لكن، مع التغيير النوعي الحاصل في العاصمة، يأمل مراقبون أن يشكل ذلك نموذجاً يمكن أن يعتمد في بقية أقاليم البلاد.
المساهمون