أطلقت الشرطة المجتمعية في العاصمة بغداد بالتعاون مع ناشطين حملة توعوية تحت اسم "لا للتحرش"، لتحذير وتوعية الشباب وخاصة المراهقين منهم بخطورة التحرش على المجتمع، ونظرة المجتمع للمتحرش كمريض نفسي وخطر على المجتمع، وذلك بعد أيام من حملات واسعة نفذها ناشطون وناشطات على منصات التواصل الاجتماعي، دعت أجهزة الأمن العراقية إلى التعامل مع تزايد ظاهرة التحرش اللفظي أو الجسدي في بغداد، خاصة داخل الأسواق والأماكان العامة.
وانطلقت الحملة في الأماكن العامة والترفيهية خلال أيام عيد الأضحى، لكنها مستمرة لتشمل مناطق عدة من بغداد تشهد شكاوى تحرش أكثر من غيرها، في الأماكن العامة والمتنزهات ومدن الألعاب.
ووفقا للشرطة العراقية، فإن الحملة تهدف إلى خلق حالة من الوعي والرقابة الذاتية داخل المجتمع قبل أن تكون هناك جهات رقابية أو حسابية.
ويقول العقيد محمد عبد السلام، من شرطة بغداد، إن غالبية المتحرشين أشخاص قليلو التعليم، أو بلا ثقافة ولا يشعرون أنهم ينتقصون من قيمة أنفسهم قبل كل شيء.
ويضيف "هناك من يمكن اعتباره مريضا نفسيا ويقدم على التحرش بإنسان آخر، أو أن لديه ميولا عدوانية يمكن أن تتطور وتكون خطرة، لذا يجب أن يفهم المتحرش أنه لن يحصل على أكثر من نظرة دونية وعقاب"، لافتاً إلى أن القضاء أصدر أخيراً أحكاماً على متحرشين وصلت للسجن لثلاثة أشهر عداً عن سمعة سيئة ستبقى تلاحقه طوال عمره.
ويقول المتطوع باسم حسن (29 عاماً)، إن "هذه الحملة تأتي بعد تزايد حالات التحرش وخاصة في المناسبات والأعياد، والظاهرة معيبة بحق مجتمعنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، وتتضمن توعية الشباب والمراهقين وتثقيفهم بخطورة التحرش وما يسببه لهم وللمجتمع من مشاكل كبيرة ومعيبة".
ويضيف حسن لـ"العربي الجديد": "يحتاج كثير من الشباب إلى رادع ديني وأخلاقي وتوعوي وبالتعاون مع الشرطة المجتمعية التي انتشرت في الأماكن العامة بداية عيد الأضحى مع شباب متطوعين وناشطين، لتعريف الشباب بخطورة هذه الظاهرة وما ترتبه عليهم من تبعات قانونية واجتماعية وأخلاقية".
لكن آخرين يرون أن حملات التوعية غير كافية للحد من ظاهرة التحرش في الأماكن الترفيهية والعامة، بل لا بد أن يتم التشهير بالمتحرش وإعلان العقوبات المتخذة بحقهم، بحسب رافد حسين (32 عاما)، الذي اعتبر أن البطالة والمخدرات أسباب أخرى ساهمت باتساع الظاهرة.
وتعاني الشابات والمراهقات في الأماكن العامة والترفيهية من صعوبة التجول بسبب التحرش من قبل مراهقين، وتقف أجهزة الأمن عاجزة أمامهم لكثرتهم وعدم وجود إجراءات قانونية رادعة بحقهم.
وتقول سناء حازم (29 عاما): "أصبحنا نخشى التجول وحدنا كصديقات في الأماكن العامة أو الترفيهية بسبب ظاهرة التحرش المعيبة جداً، ولا ندري أين هو الرادع القانوني بحق هؤلاء المراهقين المتخلفين، ولماذا لا يتم الزج بهم في السجن لردع غيرهم".
وترى حازم أن "التوعية والتثقيف لا يكفيان مع مثل هؤلاء المراهقين بل يجب ردعهم بشكل قانوني بعقوبات صارمة تجعلهم عبرة لغيرهم، فالرادع القانوني هو وحده القادر على القضاء على ظاهرة التحرش في بلد منهار سياسياً وأمنياً".
ويعتبر حقوقيون أن المشكلة تكمن في عدم تفعيل القوانين الصارمة بحق المتحرشين بسبب الواسطة والمحسوبية، فكثير من هؤلاء المتحرشين يفلتون من العقاب بسبب الرشوة أو الوساطات.
ويقول الحقوقي رباح العامري "يعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة مالية كل من تحرش بأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات بالوجه تخدش الحياء، ولكن هذه العقوبة لم تعد كافية والمصيبة أنها لا تطبق إلا قليلاً جداً".