"انتصارات" الحراك الثوري

02 ديسمبر 2019
التركيز على الشعار الأساس مطلوب (حسين بيضون)
+ الخط -
لعلّ الحراك الشعبي الثوري في لبنان، وهو مستمر منذ السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قد كسب جميع الرهانات حول توقفه بعد أيام من انطلاقه.

اجتمعت شرائح كثيرة حول المطالب بإسقاط رموز الفساد ومحاسبة الفاسدين. وكان الانتصار الأول، كما اعتبر كثيرون، استقالة الحكومة التي يترأسها سعد الحريري. لكنّه انتصار وهمي إذ تقزّمت المطالب من "إسقاط النظام" إلى حكومة تكنوقراط، وانتخابات نيابية مبكرة، ما يعني عودة الأمور إلى ما هي عليه. وتمثَّل انتصار وهمي آخر في الرفض العنيف للتسمية المحتملة للوزير السابق محمد الصفدي لتشكيل الحكومة الجديدة، فحُرق اسم الصفدي، لأجل تعويم أسماء أخرى لاحقاً.

الحريري بالذات أحد "رموز الفساد" التي يطالب الحراك الثوري بمحاسبتها. لكنّ استقالته أظهرت شرخاً في الحراك، مع ذهاب جزء من المتظاهرين إلى تنزيهه عن اتهامات الفساد عقبها، بل هتف له بعضهم في الساحات. هكذا، فإنّ شعار "كلّن يعني كلّن" المقصود به جميع الزعماء من دون استثناء باعتبارهم فاسدين أو رعاة للفساد أو متواطئين مع الفاسدين أو حلفاء للفاسدين، شهد كثيراً من الشدّ والجذب، الذي وصل إلى حدّ الاعتداء الصريح على المتظاهرين في بعض الساحات. فكلّ حزب ينزّه زعيمه عن الفساد وإن كان غارقاً فيه. يظهر الأمر مباشرة وبطلب صريح من جمهور الحزب المعين، أو مواربة من خلال تحويل الهجوم على زعيم من طرف ما إلى هجوم على زعيم من طرف مقابل. والجميع موجودون في الحراك الثوري الشعبي باستثناء جمهور التيار الوطني الحر، التابع لوزير الخارجية جبران باسيل.



الشعار "كلّن يعني كلّن" واقعي ويؤمن به كثيرون من المشاركين في الحراك، ممن يشكل لديهم انتصاراً في طرحه، إذ يريدون فعلاً أن يتخلصوا من كلّ الطبقة السياسية. يبرز هؤلاء خصوصاً في ساحة رياض الصلح، ويحمل بعضهم فكراً يسارياً، لكنّ آخرين من بينهم ليسوا يساريين، ومعظمهم لا ينتمون إلى أيّ حزب ولا يؤيدون حتى. لكنّ مشكلة الشعار أنّه غير قادر على العبور إلى مؤيدي الأحزاب، ممن يشاركون في الحراك، حتى الأحزاب التي دعت أنصارها إلى الانسحاب منه، وما زالت فيه مع ذلك، فالشعار لديهم "كلّن يعني كلّن" في ما عدا الزعيم، أو "كلّن يعني كلّن" مع الإصرار على أنّ اسماً معيناً يعادونه "واحد منهم" وهو ما يجعل انتصار الشعار وهمياً.

بعيداً عن التحركات الاستعراضية المتعاقبة التي يرفضها كثيرون والتي قد ترتبط بأجندات معينة لمنظميها، والتلهّي بانتصارات وهمية مهما كانت "جميلة" من قبيل كليشيه "يحيا الهلال مع الصليب"، فإنّ بقاء الحراك الشعبي الثوري على زخمه وامتداده فترة أطول، يشكل أملاً في انتصار حقيقي هذه المرة، يعيد شعار إسقاط النظام بكامله إلى صدارة المشهد.
دلالات
المساهمون