كشف مسؤول حكومي مصري عن عدم قدرة حكومة بلاده على مواجهة مراكز الدروس الخصوصية التي انتشرت في المحافظات المصرية، بالرغم من مزاعم وزارة التربية والتعليم أنّها في صدد إعداد مشروع قانون يجرّم "مافيا الدروس الخصوصية" يجري الاستعداد لعرضه على مجلس النواب (البرلمان) خلال الأيام المقبلة. وأكد أنّه مع بداية كلّ عام دراسي ترتفع الأصوات المطالِبة بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية في مصر، وتتوعّد وزارة التربية والتعليم بالقضاء على تلك الظاهرة، لكن سرعان ما تهدأ الأمور، وتستمر المراكز في العمل حاصدة أموالاً طائلة سنوياً.
شدد المصدر المسؤول على أنّ اختفاء الدروس الخصوصية في مصر أقرب إلى المستحيل، وأنّ القانون الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع في ظل تفشّي الظاهرة، وسيجري التحايل عليه ويتحول إلى حبر على ورق، خصوصاً أنّها ليست المرة الأولى التي تعدّ فيها وزارة التربية والتعليم مشروع قانون لمواجهة الدروس الخصوصية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، موضحاً أنّ المنظومة التعليمية في مصر تعاني من مشاكل عديدة، على رأسها زيادة كثافة التلاميذ في الفصول، والتي تراوح ما بين 50 و100 تلميذ في الفصل الواحد، علاوة على تدهور رواتب المعلمين، وضعف التدريب، والمناهج الدراسية التي تعتمد على الحفظ، وتهالك الأبنية التعليمية.
اقــرأ أيضاً
أشار المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أنّه يستحيل فصل أكثر من 80 في المائة من المعلمين الذين يتعاملون مع الدروس الخصوصية، بينما يعمل أباطرة الدروس الخصوصية بكلّ هدوء، وتسخر مراكز الدروس الخصوصية والقائمون عليها من القرارات والحملات والقوانين التي تعلن وزارة التعليم عنها بين الحين والآخر.
من جانبه، قال المركز المصري للدراسات الاقتصادية في تقارير له، إنّ حجم الدروس الخصوصية في مصر تجاوز 30 مليار جنيه سنوياً، وهو رقم كبير يشكل عبئاً على الأسر المصرية، مشيراً إلى أنّ الدروس الخصوصية في ازدياد عاماً بعد آخر. ويحتل الإنفاق على الدروس الخصوصية المرتبة الأولى داخل الأسر المصرية.
شدد المركز على أنّ المعاناة من الدروس الخصوصية لدى الأسرة المصرية بدأت مع نهاية الستينيات من القرن الماضي، وكان المعلم الذي يعطي الدرس يتخفّى من الأصدقاء والتلاميذ حتى لا يفقد هيبته داخل الفصل، لكنّ الأمر تغير مع أزمات الاقتصاد، فباتت الدروس الخصوصية علنية، من خلال إعلاناتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى جدران المدارس، ويعتمد عليها كثير من المعلمين لتحسين أجورهم المتدنية في ظلّ الأزمات وارتفاع الأسعار الذي نعيشه اليوم.
حدد المركز المصري للدراسات الاقتصادية عدة إجراءات للنهوض بالمنظومة التعليمية والقضاء على الدروس الخصوصية، من بينها تخفيض عدد التلاميذ في الفصل الدراسي الواحد، وبناء العديد من المدارس، وزيادة ميزانية التعليم في الموازنة العامة للدولة، وتعديل رواتب المعلمين وجميع العاملين وتطوير قدراتهم، وبناء وتطوير المدارس واستعادة دورها، وتطوير المناهج الدراسية والامتحانات، والاعتماد على المشاريع والأنشطة، والحث على التفكير بدلاً من الحفظ، وربط التعليم بالتكنولوجيا الحديثة.
تنامت الدروس الخصوصية بشكل كبير ومخيف في مصر، سواء اعترف بها المعنيون أم لم يعترفوا، وأسست واقعاً فرض نفسه بقوة على الأسرة المصرية التي تعوّل كثيراً على مستقبل أولادها، وتسعى بكلّ ما تملك إلى تمكينهم من التحصيل العلمي، وتحقيق غاياتهم المنشودة. وحيال ذلك، تكبّدت الأسر نفقات باهظة، لم تكن بحسبانها ولا مدرجة في خطط إنفاقها الشهرية أو السنوية في ظل الغلاء الفاحش. وأكد عدد من المواطنين والتلاميذ أنّهم لا يستطيعون الاستغناء عن تلك الدروس، في ظل إهمال التعليم في المدارس الحكومية.
يتوقع محمد حسن، وهو معلم في إحدى المدارس الحكومية، استمرار الدروس الخصوصية في ظلّ أيّ قوانين تصدرها وزارة التربية والتعليم، مشيراً إلى أنّ رواتب المعلمين حالياً تراوح بين 1400 و4000 جنيه شهرياً، وهو الأجر الذي لا يضمن للمعلم حياة كريمة، بل يؤدي تلقائياً إلى تعزيز ظاهرة الدروس الخصوصية.
بدوره، يقول أحمد عبده، وهو أحد أولياء الأمور، إنّ اثنين لا يختلفان حول استنزاف الدروس الخصوصية أكثر من 80 في المائة من دخل الأسر المصرية، خصوصاً الطبقة المتوسطة، لكنها أصبحت ضرورة في ظل غياب التعليم المتكامل في المدارس. يوضح أنّ الدروس الخصوصية واقع مر تعيشه الأسر المصرية، من دون تحرك ملموس من الحكومة لمواجهته، مشبهاً مراكز الدروس بأنّها دولة داخل دولة.
من جهته، يتوقع الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث، فشل الحكومة في مواجهة الدروس الخصوصية تحت أيّ مسمى من القوانين، كونها باتت واقعاً بالفعل، بعد انتشارها في جميع المحافظات، وتزايد عددها عبر السنوات الماضية، تزامناً مع تدهور التعليم في المدارس وظهور سوق لها ناتج عن زيادة الطلب على تلك الدروس التي تبدو ظاهرياً أفضل من المدرسة.
اقــرأ أيضاً
يقول مغيث إنّ الدروس الخصوصية ظاهرة مرفوضة من الناحية الموضوعية، لكنّها مرتبطة بنظام تعليمي مشوَّه، وإذا أردنا القضاء على هذه الظاهرة علينا إصلاح التعليم بصورة حقيقية وليس من خلال التصريحات، وضرورة زيادة الرقابة على المدارس، وتنقية المناهج وتنقيحها حتى لا يلجأ التلميذ للدروس الخصوصية، والقضاء على الازدحام داخل الفصول، ووضع منهج وامتحان يخاطب الفهم والتذكر، وإجبار المعلم على الشرح، ثم تأتي مرحلة إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، التي باتت وبالاً كبيراً على مصر.
شدد المصدر المسؤول على أنّ اختفاء الدروس الخصوصية في مصر أقرب إلى المستحيل، وأنّ القانون الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع في ظل تفشّي الظاهرة، وسيجري التحايل عليه ويتحول إلى حبر على ورق، خصوصاً أنّها ليست المرة الأولى التي تعدّ فيها وزارة التربية والتعليم مشروع قانون لمواجهة الدروس الخصوصية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، موضحاً أنّ المنظومة التعليمية في مصر تعاني من مشاكل عديدة، على رأسها زيادة كثافة التلاميذ في الفصول، والتي تراوح ما بين 50 و100 تلميذ في الفصل الواحد، علاوة على تدهور رواتب المعلمين، وضعف التدريب، والمناهج الدراسية التي تعتمد على الحفظ، وتهالك الأبنية التعليمية.
أشار المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أنّه يستحيل فصل أكثر من 80 في المائة من المعلمين الذين يتعاملون مع الدروس الخصوصية، بينما يعمل أباطرة الدروس الخصوصية بكلّ هدوء، وتسخر مراكز الدروس الخصوصية والقائمون عليها من القرارات والحملات والقوانين التي تعلن وزارة التعليم عنها بين الحين والآخر.
من جانبه، قال المركز المصري للدراسات الاقتصادية في تقارير له، إنّ حجم الدروس الخصوصية في مصر تجاوز 30 مليار جنيه سنوياً، وهو رقم كبير يشكل عبئاً على الأسر المصرية، مشيراً إلى أنّ الدروس الخصوصية في ازدياد عاماً بعد آخر. ويحتل الإنفاق على الدروس الخصوصية المرتبة الأولى داخل الأسر المصرية.
شدد المركز على أنّ المعاناة من الدروس الخصوصية لدى الأسرة المصرية بدأت مع نهاية الستينيات من القرن الماضي، وكان المعلم الذي يعطي الدرس يتخفّى من الأصدقاء والتلاميذ حتى لا يفقد هيبته داخل الفصل، لكنّ الأمر تغير مع أزمات الاقتصاد، فباتت الدروس الخصوصية علنية، من خلال إعلاناتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى جدران المدارس، ويعتمد عليها كثير من المعلمين لتحسين أجورهم المتدنية في ظلّ الأزمات وارتفاع الأسعار الذي نعيشه اليوم.
حدد المركز المصري للدراسات الاقتصادية عدة إجراءات للنهوض بالمنظومة التعليمية والقضاء على الدروس الخصوصية، من بينها تخفيض عدد التلاميذ في الفصل الدراسي الواحد، وبناء العديد من المدارس، وزيادة ميزانية التعليم في الموازنة العامة للدولة، وتعديل رواتب المعلمين وجميع العاملين وتطوير قدراتهم، وبناء وتطوير المدارس واستعادة دورها، وتطوير المناهج الدراسية والامتحانات، والاعتماد على المشاريع والأنشطة، والحث على التفكير بدلاً من الحفظ، وربط التعليم بالتكنولوجيا الحديثة.
تنامت الدروس الخصوصية بشكل كبير ومخيف في مصر، سواء اعترف بها المعنيون أم لم يعترفوا، وأسست واقعاً فرض نفسه بقوة على الأسرة المصرية التي تعوّل كثيراً على مستقبل أولادها، وتسعى بكلّ ما تملك إلى تمكينهم من التحصيل العلمي، وتحقيق غاياتهم المنشودة. وحيال ذلك، تكبّدت الأسر نفقات باهظة، لم تكن بحسبانها ولا مدرجة في خطط إنفاقها الشهرية أو السنوية في ظل الغلاء الفاحش. وأكد عدد من المواطنين والتلاميذ أنّهم لا يستطيعون الاستغناء عن تلك الدروس، في ظل إهمال التعليم في المدارس الحكومية.
يتوقع محمد حسن، وهو معلم في إحدى المدارس الحكومية، استمرار الدروس الخصوصية في ظلّ أيّ قوانين تصدرها وزارة التربية والتعليم، مشيراً إلى أنّ رواتب المعلمين حالياً تراوح بين 1400 و4000 جنيه شهرياً، وهو الأجر الذي لا يضمن للمعلم حياة كريمة، بل يؤدي تلقائياً إلى تعزيز ظاهرة الدروس الخصوصية.
بدوره، يقول أحمد عبده، وهو أحد أولياء الأمور، إنّ اثنين لا يختلفان حول استنزاف الدروس الخصوصية أكثر من 80 في المائة من دخل الأسر المصرية، خصوصاً الطبقة المتوسطة، لكنها أصبحت ضرورة في ظل غياب التعليم المتكامل في المدارس. يوضح أنّ الدروس الخصوصية واقع مر تعيشه الأسر المصرية، من دون تحرك ملموس من الحكومة لمواجهته، مشبهاً مراكز الدروس بأنّها دولة داخل دولة.
من جهته، يتوقع الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث، فشل الحكومة في مواجهة الدروس الخصوصية تحت أيّ مسمى من القوانين، كونها باتت واقعاً بالفعل، بعد انتشارها في جميع المحافظات، وتزايد عددها عبر السنوات الماضية، تزامناً مع تدهور التعليم في المدارس وظهور سوق لها ناتج عن زيادة الطلب على تلك الدروس التي تبدو ظاهرياً أفضل من المدرسة.
يقول مغيث إنّ الدروس الخصوصية ظاهرة مرفوضة من الناحية الموضوعية، لكنّها مرتبطة بنظام تعليمي مشوَّه، وإذا أردنا القضاء على هذه الظاهرة علينا إصلاح التعليم بصورة حقيقية وليس من خلال التصريحات، وضرورة زيادة الرقابة على المدارس، وتنقية المناهج وتنقيحها حتى لا يلجأ التلميذ للدروس الخصوصية، والقضاء على الازدحام داخل الفصول، ووضع منهج وامتحان يخاطب الفهم والتذكر، وإجبار المعلم على الشرح، ثم تأتي مرحلة إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، التي باتت وبالاً كبيراً على مصر.