الأردن بين مطرقتين

19 مارس 2019
نسبة البطالة سجّلت 18.3% في عام 2017 (فاليري شاريفولين/Getty)
+ الخط -

وقع الأردن بين مطرقة حروب العراق المتناسلة وسورية المتلاحقة، فدفع الثمن مرتين، الأولى من جانب الشباب الأردني المؤهل، والثانية من أرباب العمل في شتى حقول نشاطهم. فقد ترافقت هذه الحروب مع ضغوط لجوء بشرية وإقفال الحدود معهما، ما قاد إلى ما يشبه الاختناق الذي عانته المؤسسات الصناعية والتجارية، وانعكس على العمالة الأردنية.

فبناءً على بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في الأردن حول معدل البطالة الإجمالي لعام 2017، ظهر أنه بلغ (18.3 في المائة)، أما البطالة في صفوف الأردنيين وغير الأردنيين معاً فهي (18.1 في المائة)، ووصلت بطالة الإناث إلى (31.2 في المائة) والذكور إلى (14.7 في المائة). أما البطالة في الفئة العمرية (15-24) سنة، فاستقرت على (37.3 في المائة)، مقابل (30.4 في المائة) لغيرهم. وسجلت البطالة بين حمَلة البكالوريوس الفئة الأكبر، إذ بلغت (23.4 في المائة)، والإناث الأردنيات من هذه الفئة (33.1 في المائة) مقابل (16.0 في المائة) للذكور. واللافت أن البطالة لم تعد تقتصر على خريجي الآداب وما شابه، إذ باتت تشمل التخصصات العلمية. بالطبع، يتبين أن هناك تبايناً بين محافظة وأخرى تبعاً لظروفها الاقتصادية.

ويقدر عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل من الأردنيين بأكثر من مائة ألف فرد سنوياً، في حين لا يستوعب القطاعان العام والخاص معا أكثر من 45 ألفاً منهم، في فرص العمل المستحدثة سنوياً، نصفها تذهب إلى العمالة الوافدة.

وتشير تقديرات خبراء في البنك الدولي إلى أن ثلث سكان المملكة معرّضون أن يقعوا ضمن خط الفقر، تأثراً بارتفاع تكاليف الحياة، ما ينعكس تردياً على الأوضاع المعيشية، وضعفاً للقوة الشرائية للمواطنين، وعلى قطاع الأعمال ما يزيد من أعداد العاطلين عن العمل من فئة الشباب أولاً.

ويتبين من الدراسات والتحاليل الإحصائية أن هناك علاقة ترابط بين البطالة والتعليم بفرعيه العالي والمهني، إذ تشير معدلات البطالة إلى أن (26.4 في المائة) من الشباب الملتحقين حالياً بالمؤسسات التعليمية عاطلون عن العمل، مقابل (37.5 في المائة) من غير الملتحقين بالمؤسسات التعليمية. ويؤشر ذلك إلى وجود مشكلة حقيقية في الانتقال من مرحلة التعليم إلى العمل، حيث يقضي معظم الخريجين ما معدله عامين أو أكثر انتظاراً لفرصة العمل، أو عند خروج الشباب في سن مبكرة من المرحلة الثانوية مباشرة إلى سوق العمل، وتكمن هذه المشكلة في عدم مواءمة مخرجات النظام التعليمي لحاجات سوق العمل، وعدم ربط السياسات الاقتصادية بالسياسات التعليمية.



الواضح أن سوق العمل الأردني لا يستوعب أعداد الخريجين، وذلك أنه بحاجة أكثر إلى العمالة التقنية والفنية التي قد يتطلب بعضها تأهيلاً جامعياً. والمعروف أيضاً أن جزءاً من خريجي الجامعات، إما يحملون شهادات في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل، أو شهادات في تخصصات يحتاجها سوق العمل، ولكن مؤسسات القطاع الخاص لم تقتنع بمؤهلات حامليها وإمكانياتهم، بالنظر إلى ضعف التدريب الذي حصلوا عليه، أو أن المناهج التعليمية المعتمدة لا تواكب تطورات التقنيات العلمية والعملية المطلوبة. وتتكامل مشكلة هؤلاء مع غياب وزارة العمل عن تنفيذ برامج التدريب، ووزارة التعليم العالي والمهني عن إلزام المؤسسات التعليمية من معاهد وجامعات بتحديث برامجها ومعاملها لتحقيق تدريب مضاف إلى الدراسات النظرية.

*باحث وأكاديمي
دلالات
المساهمون