هكذا تستحوذ المخابرات الحربية على صيدليات مصر

04 نوفمبر 2019
قطاع الصيدلة في خطر (العربي الجديد)
+ الخط -
تسعى القوات المسلحة المصرية وكذلك إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع وجهاز المخابرات العامة في البلاد، منذ يوليو/ تموز 2013، إلى السيطرة على النشاط الاقتصادي في مصر. والقطاع الصيدلي مشمول بذلك

يكشف مصدر مسؤول في شركة "ألفا" للأدوية المالكة لسلسلة صيدليات 19011 في مصر أنّ الشركة باتت تملك 225 صيدلية في كل محافظات البلاد بعدما استحوذت في خلال الأيام الماضية على 105 صيدليات هي مجموع سلسلة صيدليات "رشدي" على مستوى الجمهورية، في صفقة قياسية بلغت ملياراً و950 مليون جنيه مصري (نحو 121 مليون دولار أميركي). يُذكر أنّ تلك الصيدليات تُضاف إلى 120 أخرى كانت الشركة قد امتلكتها في خلال عامَي 2018 و2019.




ويوضح المصدر لـ"العربي الجديد" أنّ الشركة تسلّمت بالفعل فروع ومخازن سلسلة صيدليات "رشدي" المملوكة لرجل الأعمال حاتم رشدي، بعد الانتهاء من جردها على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، موضحاً أنّ "الصفقة شملت سداد ديون رشدي لدى المصارف والبالغة نحو مليار و450 مليون جنيه (نحو 90 مليون دولار)، وحصول حاتم رشدي على 500 مليون جنيه (نحو 31 مليون دولار) نقداً". يضيف أنّ "شركة ألفا تملك ثلاثة حسابات مصرفية رئيسية حالياً في كلّ من بنك قناة السويس والبنك العربي الأفريقي الدولي وبنك أبو ظبي الوطني، فيما أصول الشركة مملوكة بالكامل من قبل إدارة المخابرات الحربية من وراء ستار، إذ إنّ هذه الإدارة هي التي تدير تلك الحسابات المصرفية من خلال واجهة مدنية تتمثل في رئيس مجلس إدارة الشركة نعيم الصباغ". ويتابع المصدر أنّ "الصباغ هو صيدلي في أوائل الأربعينيات من العمر، وهو كان مجرّد مدير للمبيعات في شركة محلية هي ماش بريميير للصناعات الدوائية براتب شهري لا يتجاوز 15 ألف جنيه (نحو 930 دولاراً)، قبل أن تظهر ملكيته فجأة - مع صيادلة آخرين - لمجموعة صيدليات 19011 البالغة أرصدتها مجتمعة في المصارف حالياً نحو مليار و250 مليون جنيه (نحو 77 مليون دولار)".

ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "الصباغ أغلق صفحته الشخصية على موقع فيسبوك وأنشأ أخرى جديدة، قبل ظهوره مباشرة مع الإعلامي عمرو أديب على قناة إم بي سي مصر، متحدّثاً عن تأسيسه شركة جديدة تحت اسم لوتس، وهو اسم شائع لعدد من المنشآت المملوكة للمخابرات الحربية، في تمهيد لفتح مصنع أدوية هو الأكبر في أفريقيا بحلول عام 2021". ويكمل أنّ "الصيدلي أحمد الأنصاري الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة 19011، والصيدلي محمود حمدي السيسي العضو المنتدب للمجموعة، سوف يشاركان الصباغ في إدارة المصنع، علماً أنّ الأنصاري يشرف في الوقت الحالي على المقابلات الشخصية مع خرّيجي كليات الصيدلة والعلوم والطبّ البيطري الراغبين في العمل بالمصنع الجديد".

وكان الصباغ قد أثار جدالاً على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية تصريحه الشهير مع عمرو أديب: "الشخص اللي يوصل عمره 35 سنة، ولسّه فقير... يستاهل يبقى فقير!". وهذا التصريح استفزّ مصريين كثيرين شككوا في مصداقية حديثه حول ادعاء ملكية سلسلة صيدليات 19011 التي أنشأت أكثر من 120 فرعاً في عامَين فقط. يُذكر أنّ صيدليات 19011 استحوذت في مارس/ آذار الماضي، على سلسلة صيدليات "إيمدج" التي كانت تعاني أزمات مالية نتيجة تراجع حركة المبيعات، فصارت تملك أكثر من ضعفَي عدد صيدليات "العزبي" التي تُقدَّر بنحو 100 فرع في 27 محافظة، علماً أنّ مالكها الصيدلي أحمد العزبي ترأس غرفة صناعة الأدوية في اتحاد الصناعات المصرية على مدى ثلاثين عاماً.

وفي 26 أغسطس/ آب الماضي، نفّذت وزارة الصحة المصرية قراراً قضائياً قضى بشطب العزبي ورشدي نهائياً من سجلات الصيادلة، بناءً على قرار لجنة التأديب في نقابة صيادلة مصر بتهمة مخالفة المادة 30 من القانون 127 لسنة 1955 التي حظرت امتلاك الصيدلي أكثر من صيدليّتَين، في حين غضّت الوزارة الطرف عن مالكي سلسلة صيدليات 19011. وبعد يومَين فقط على ذلك القرار، أصدر الجيش المصري بياناً ينفي فيه ملكيته لمجموعة صيدليات 19011، موضحاً: "تنفي القوات المسلحة ما تداولته بعض وسائل الإعلام والقنوات المعادية للدولة المصرية ووسائل التواصل الاجتماعي، من شائعات مغرضة تتعلق بامتلاك أو افتتاح القوات المسلحة سلسلة من الصيدليات بمختلف أنحاء الجمهورية". يُذكر أنّ المحكمة الدستورية أقرّت في يونيو/ حزيران من عام 2018 بدستورية المادة 30 من القانون 127 لسنة 1955، التي تنصّ على عقوبة الحبس مدّة لا تتجاوز سنتَين أو على غرامة لا تزيد عن 200 جنيه (نحو 10 دولارات)، أو كليهما، في حقّ "كل من زاول مهنة الصيدلة من دون ترخيص أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطرق التحايل باستعارة اسم صيدلي آخر".




تجدر الإشارة إلى أنّ نقابة صيادلة القاهرة الفرعية قد تعهّدت بمقاضاة سلسلة صيدليات 19011 لمخالفتها قانون مزاولة مهنة الصيدلة، متّهمة مجموعة الصيادلة الذين يدّعون امتلاكها بتحدّي القانون بشكل فجّ ومحاولة إلباس الباطل ثوب الحقّ من خلال إضفاء شرعية على مخالفتهم لقانون الصيدلة المصري والزعم بعالميّة هذا التوجه على الرغم من أنّ لكلّ بلد قوانينه التي تحكمه. وجاء في بيان سابق أصدرته النقابة أنّ "هذا الكيان (صيدليات 19011) يلتفّ على القانون عن طريق تأسيس شركة من هيئة الاستثمار تكون إدارة الصيدليات من ضمن نشاطاتها، وقد تناسى أنّ الهيئة تشترط في عقود التأسيس وكذا في السجل التجاري حصول هذه الشركات على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية لمزاولة النشاط، وهذا لم يحدث، بما يمثّل تحايلاً وتدليساً لن نصمت عليه".
دلالات
المساهمون