شهادة البكالوريا... حلم كبار السن في الجزائر

14 يونيو 2017
لم يفقدوا الأمل في الحصول على الشهادة (فاروق بطيش/Getty)
+ الخط -

"رغم أنني تقدمت في السن، أبكي كل يوم لأنني لم أكمل دراساتي العليا، وسأجتاز امتحان البكالوريا هذه السنة، بالرغم من أن الكثيرين تهكموا عليّ قائلين مازالت تقرأ، لكنني لم أبال بهم وسأمتحن".

حال هذا الجزائري يشبه حال العشرات الذين لم يثنهم عامل السن ولا الظروف عن العودة إلى مقاعد الدراسة واجتياز امتحان البكالوريا، بعدما فشلوا في الحصول على الشهادة قبل سنوات.

جهيدة (49 سنة)، تقول لـ"العربي الجديد": "قبل سنوات ترددت في اجتياز الامتحان، لكن أقنعتني ابنتي الكبرى التي تخرّجت هذا العام من الكلية، بل ساعدتني في المراجعة وكنت أحضر دروساً في الثانوية القريبة من بيتنا، وأعتمد أيضا على بحر العلوم من خلال ما ينشر في الشبكة العنكبوتية"، مضيفةً "حلمي أن أتخصص في العلوم التجارية والتسويق".

الزواج والإنجاب وظروف الحياة جعلت الكثيرين يدفنون أحلامهم في متابعة الدراسة، لكن في المقابل هناك من تسلّحوا بالشجاعة وقرروا العودة واجتياز امتحان البكالوريا. واجهتهم عقبات كثيرة، لكن حافزهم الوحيد كان هو تحقيق الأمنية والفرحة بعد النجاح.

وهو ما يؤكده عبد السلام زرواطي لـ"العربي الجديد"، الذي يمتحن مع ابنه البكر، لافتا إلى أنهما كانا يحضّران للامتحان معاً، قائلاً "أحيانا أدخل معه في جدال كبير، ليربحني في النهاية"، معبراً عن أمله في النجاح لابنه وله أيضا لتكون الفرحة فرحتين.


"شهادة البكالوريا هي مفتاح كل شيء، إنها غالية الثمن"، تقول سليمة لـ"العربي الجديد"، متحسرة على أنها لم تتمكن من الحصول عليها أربع مرات، وهذه المرة الخامسة التي تجتاز فيها الامتحانات وهي تبلغ 48 سنة، مضيفة أنها تحفزت من خلال بنات الجيران اللواتي سيمتحن رفقتها.

نيل الشهادة حلمهم (العربي الجديد)


وتضيف "ليس عيبا أن أمتحن مجددا في الشهادة الثمينة، التعلم والنجاح لا سن لهما، وهذه الشهادة ستفتح لي الباب لمواصلة تكويني وتحقيق حلمي في أن أصبح طبيبة". وتأمل سليمة المنخرطة في جمعية لمساعدة مرضى السرطان بولاية الشلف غرب الجزائر، أن يحالفها النجاح هذه المرة وتحصل على الشهادة.

عزيمة وطموح سليمة كما لدى سيد علي (51 سنة)، الذي يعتبر أن "الشهادة في النهاية تفتح أبواباً مغلقة"، فلا يمكنه أن يحقق أمنيته دونها، بالرغم من أنه اليوم موظف في إحدى الدوائر الحكومية.

ويقول لـ"العربي الجديد": "أتوق إلى تعلّم اللغة الألمانية والإبحار في الحضارات"، أما عن تحضيراته للبكالوريا، فيوضح أنه فشل في اجتياز السنة أولى ثانوي قبل أزيد من 26 سنة، فدرس عن طريق التعليم عن بُعد، أي بالمراسلة، ووصل إلى السنة النهائية بكالوريا، وهي فرصة ثمينة يجب تجريبها، وفي كل الحالات المهم هي الإرادة والخطوة نحو الأمام".

وقد أثبتت التجارب أن التعلم ليس له سن ولا حدود، وأن سلاحه العزيمة والمثابرة، فهناك من جربوا القراءة والكتابة في سن متقدمة ووصلوا إلى مرحلة اجتياز البكالوريا، بحسب الأستاذ عادل ساري، وهو متطوع في مجال محو الأمية، يؤكد أن الكثيرين كان يحدوهم الأمل في مواصلة الدراسة، ووصلوا إلى مبتغاهم.

 

 

المساهمون