حلول جزئية لأزمة المهاجرين في جبنيانة التونسية

22 يوليو 2024
مهاجرون في العامرة بولاية صفاقس وسط تونس، 19 مايو 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

ما زالت أزمة المهاجرين في مدينتَي جبنيانة والعامرة بولاية صفاقس وسط تونس قائمة، على الرغم من حلول جزئية بدأت السلطات في تطبيقها لتخفيض مستوى الغضب بين التونسيين الذين لوّحوا، قبل أيام، بتنفيذ إضراب عام شامل في المنطقة احتجاجاً على الوجود الكثيف لمهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء في الحقول الزراعية بالمنطقة وارتفاع معدّل الجريمة فيها.

وفي العاشر من يوليو/ تموز الجاري، أصدر الاتحاد المحلي للشغل في جبنيانة بياناً لوّح فيه بالإضراب العام، مطالباً السلطات الجهوية والمركزية بتحمّل مسؤولياتها الكاملة لاتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل معالجة أزمة المهاجرين غير النظاميين جذرياً وبطريقة نهائية. وعلى أثر ذلك، توجّه الرئيس قيس سعيّد في 12 يوليو/تموز إلى جبنيانة والعامرة حيث التقى عدداً من المواطنين واستمع إلى شكاويهم، وقد أوضح لهم أنّ الدولة وحدها هي المكلفة تطبيق القانون وحماية الأمن. أضاف سعيّد أنّ تونس عملت وما زالت تعمل لتوفير إحاطة إنسانية للمهاجرين الذين وقعوا ضحايا نظام عالمي وشبكات اتّجار بالبشر، بحسب ما جاء ما بيان رئاسي.

وتحاول سلطات تونس تخفيض مستوى غضب الأهالي في جبنيانة، حيث يعيش نحو 30 ألف مهاجر في حقول زيتون وبين الأحياء، في حين تتوقّع منظمات دولية استمرار تأثيرات أزمة المهاجرين في تونس على المدى المتوسط، وسط غياب الحلول الجذرية للمعضلة الدولية. وقال رئيس الاتحاد المحلي للشغل في جبنيانة يوسف بوعافية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "انتظارات الأهالي المتعلقة بإيجاد حلول جذرية لبقاء المهاجرين في المنطقة ما زالت قائمة، على الرغم من أنّ السلطات بدأت في تطبيق خطة أمنية لإعادة فرض الأمن والحدّ من التجاوزات التي يرتكبها المهاجرون".

أضاف بوعافية أنّ "الوضع الأمني في المنطقة تحسّن من خلال تكثيف دوريات الشرطة التي تهدف إلى الحدّ من منسوب التجاوزات التي يمكن أن تصدر من المهاجرين، وهو مؤشّر جيّد يطمئن الأهالي". وذكر أنّ المواطنين في المنطقة راحوا يشتكون، في وقت سابق، من "زيادة جرائم السطو والسرقات التي ينفّذها المهاجرون، إلى جانب إقامتهم في حقول الزيتون وتخريب الأغصان والمحاصيل". وبيّن رئيس الاتحاد المحلي للشغل في جبنيانة أنّ "تكثيف الدوريات الأمنية في المنطقة أتى من ضمن مطالب الاتحاد والجمعيات المدنية فيها، لكنّه يبقى مؤقتاً في انتظار حلّ جذري لترحيل المهاجرين من المنطقة وإخلاء بساتين الزيتون التي تمثّل مصدر عيش لمئات الأسر في المنطقة".

ولفت بوعافية إلى أنّ "المهاجرين ما زالوا يتدفّقون إلى المنطقة، في حين أنّ الأهالي ما زالوا في انتظار حلّ جذري ونهائي". وقد قدّر المسؤول النقابي عدد المهاجرين في جبنيانة والعامرة بنحو 30 ألفاً، مشيراً إلى أنّ عددهم يرتفع حيناً ويتراجع أحياناً وفقاً لتدفقات الهجرة عبر الحدود.

في سياق متصل، استبعدت دراسة، صادرة في بداية يوليو الجاري عن مركز "مالكوم كارنغي للشرق الأوسط" تحت عنوان "تحوّل تونس إلى مركز عبور: الهجرة غير الشرعية ومعضلة السياسات"، أن يطرأ أيّ تغيير على ملف الهجرة في المستقبل القريب، إذ إنّ "التقلبات السياسية في دول ما يُسمّى حزام الانقلابات في أفريقيا تقوّض أكثر الأنظمة في كلّ أنحاء منطقة الساحل وغرب أفريقيا التي كانت تعمل بشكل سيّئ أصلاً، وتزيد تدفّقات المهاجرين الفارين من الحروب". ورجّحت الدراسة أن تبقى تونس "نقطة أساسية للهجرة والعبور في السنوات المقبلة".

وفي مشهد الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، تُعَدّ تونس نقطة عبور رئيسة للمهاجرين وطالبي اللجوء من أفريقيا جنوب الصحراء، لا سيّما من السودان وتشاد وغينيا ومالي وساحل العاج وغيرها، بهدف الوصول إلى أوروبا. كذلك، أرغمت سنوات من تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس المواطنين على الهجرة، لكنّ المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء صاروا مجموعة الهجرة الأكبر إلى أوروبا انطلاقاً من تونس بدءاً من النصف الثاني من عام 2022. كذلك، شهد هذا المنحى زخماً في عام 2023 الذي تلا، الأمر الذي "رسّخ" دور تونس مركزاً للهجرة.

المساهمون