مصر: توقف أنشطة المجتمع المدني بسبب قانون الجمعيات الأهلية

27 يونيو 2018
القانون يحاصر حركة المجتمع المدني ويسلب حريته(العربي الجديد)
+ الخط -

طالب رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" المصري، محمد أنور السادات، حكومة بلاده بإعلان الأسباب الحقيقية وراء تأخر إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية، الذي أقره مجلس النواب في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وصادق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو/أيار 2017، وهو ما ترتب عليه توقف أغلب مشروعات وأنشطة المجتمع المدني والأهلي على الصعيدين المحلي والدولي.

وتساءل السادات، في بيان صادر عن حزبه، اليوم الأربعاء: "هل هناك نية أو اتجاه لإعادة النظر في مواد القانون، أو طرح تعديلات جديدة على مواده بمعرفة مجلس النواب، في ضوء تحفظ واعتراض كثير من المتخصصين والعاملين في المجتمع المدني، سواء من المؤسسات المانحة أو المنظمات المحلية والدولية؟".

وتابع السادات، الذي أسقط البرلمان الموالي للسلطة عضويته عقب إعلان رفضه للقانون، أنه يجب على رئيس لجنة التضامن في مجلس النواب، عبد الهادي القصبي، تقديم استقالته من المجلس، كونه من تقدم بمشروع القانون، الذي أساء إلى المؤسسة التشريعية، وخلف صدوره بهذا الشكل العديد من الخسائر الأدبية والمعنوية والمادية.

وأفاد السادات بأن الحكومة لم تكن على علم بمواد القانون، أو تشارك في مناقشتها، علاوة على تجاهل ملاحظات المتخصصين وتحذيراتهم، وتصدير صورة سلبية للرأي العام عمن أبدوا اعتراضهم على القانون، وعلى الطريقة التي تم تمريره بها، في إشارة منه إلى تمريره على عجل، ومن دون مناقشة الاقتراحات الموازية للقانون.

وتواجه منظمات المجتمع المدني المصري حالة غير مسبوقة من التضييق، حتى بات نشاطها شبه متوقف، على وقع التوسع في قرارات الحبس ومصادرة الأموال والأملاك. إذ أصدر مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" تقريراً صادماً في وقت سابق، حمل عنوان "مصر لم تعد دولة آمنة لأحد"، أعلن من خلاله إغلاق مكتبه في القاهرة بعد 22 عاماً من العمل الحقوقي.

وفي إبريل/نيسان الماضي، أصدرت 25 منظمة حقوقية مصرية، بياناً مشتركاً، أعلنت فيه رفضها المطلق لقانون الجمعيات الأهلية، مؤكدة أنه "يستهدف تأميم المجتمع المدني، من خلال تنظيمه كما لو كان أحد الأجهزة الإدارية للدولة، واعتبار العاملين فيه موظفين لدى الدولة، فضلاً عن تبنّي قيود تعسفية جديدة تسعى إلى إرهاب نشطاء المجتمع المدني".

وقالت المنظمات إن القانون هو "امتداد للفلسفة التي تقوم على تشديد الحصار على منظمات المجتمع المدني بشكل عام، وخنق المنظمات الحقوقية بشكل خاص، بدرجة تفوق كافة القوانين القمعية للمجتمع المدني السابقة، ويستهدف تقويض الهامش المحدود المتاح للنشاط، وجعْل عاقبة تأسيس منظمات أهلية باهظة، بما يكبح حماس المواطنين لتأسيسها أو المشاركة في نشاطها".

وحظر القانون على الجمعيات الأهلية جمع التبرعات، أو الحصول على أموال من الخارج، إلا بعد تصريح من الحكومة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج وخيمة على نشاط المجتمع المدني، رغم أنه لا تتوافر مصادر تمويل كافية في الداخل، بما يساعد الجمعيات على القيام بأنشطتها، كما يحرم الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الانضمام أو الانتساب إلى أي شبكات دولية إلا بعد موافقة الحكومة.

وكان السيسي يتحاشى إصدار القانون خشية تعرضه لضغوط دولية وانتقادات لاذعة، بسبب خطورة المواد التي تحيل أمر إدارة المجتمع المدني إلى الأجهزة الأمنية، وتوجيه عدد من السفارات الأجنبية إنذارات للحكومة، ممثلة في وزارتي الخارجية والتضامن، تحذر من مغبة إصداره، بما ينعكس بالسلب على أنشطة منظمات المجتمع المدني الأجنبية، أو المدعومة من حكومات أوروبية، ويؤثر على المساعدات الاجتماعية والثقافية من بعض هذه الدول إلى مصر.

ويتضمن المشروع عقوبات سالبة للحرية، مناقضاً بذلك توصيات الأمم المتحدة بشأن التعامل مع المجتمع المدني، تصل للحبس خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى مليون جنيه، حال أجرت الجمعية استطلاعات رأي أو بحوثاً ميدانية، أو مارست العمل الأهلي دون التسجيل وفقًا للقانون، أو تعاونت مع أي منظمة دولية، بما في ذلك أجهزة الأمم المتحدة، دون الحصول على الموافقة اللازمة لذلك.
المساهمون